لَا ثَانِيَ لَهَا فِي الْبَدَنِ، وَهِيَ مَنْفَعَةُ اسْتِمْسَاكِ الْبَوْلِ.
وَذَكَر الْمُبَرِّدُ «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: فِي الصَّعْرِ الدِّيَةُ» وَفَسَّرَ الْمُبَرِّدُ ذَلِكَ بِتَعْوِيجِ الْوَجْهِ، وَفِيهِ تَفْوِيتُ جَمَالٍ كَامِلٍ.
وَأَمَّا مَا يَكُونُ زَوْجًا فِي الْبَدَنِ فَفِي قَطْعِهِمَا كَمَالُ الدِّيَةِ، وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَأَصْلُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ فِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي الْيَدَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُ الدِّيَةِ»، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: الْأَعْضَاءُ الَّتِي هِيَ أَزْوَاجٌ فِي الْبَدَنِ الْعَيْنَانِ، وَالْأُذُنَانِ الشَّاخِصَتَانِ، وَالْحَاجِبَانِ، وَالشَّفَتَانِ، وَالْيَدَانِ وَثَدْيَا الْمَرْأَةِ، وَالْأُنْثَيَانِ، وَالرِّجْلَانِ أَمَّا فِي الْعَيْنَيْنِ إذَا فُقِئَا الدِّيَةُ كَامِلَةً بِتَفْوِيتِ الْجَمَالِ، وَالْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ، وَأَمَّا فِي الْأُذُنَيْنِ الشَّاخِصَتَيْنِ فَالدِّيَةُ كَامِلَةٌ؛ لِأَنَّ فِي قَطْعِهِمَا تَفْوِيتَ الْجَمَالِ الْكَامِلِ، وَتَفْوِيتَ الْمَنْفَعَةِ أَيْضًا فَإِنَّ الْأَصْوَاتَ تَجْتَمِعُ فِيهَا، وَتَنْفُذُ إلَى الدِّمَاغِ، وَبِهِمَا تُقَى الْأَذَى عَنْ الدِّمَاغِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ، وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَكَذَلِكَ فِي الْحَاجِبَيْنِ إذَا حَلَقَهُمَا عَلَى وَجْهٍ أَفْسَدَ الْمَنْبَتَ أَوْ نَتَفَهُمَا فَأَفْسَدَ الْمَنْبَتَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتَ جَمَالٍ كَامِلٍ فَيَجِبُ فِيهِمَا الدِّيَةُ، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي فُصُولِ الشَّعْرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَفِي الشَّفَتَيْنِ مَعْنَى الْجَمَالِ الْكَامِلِ، وَالْمَنْفَعَةِ الْكَامِلَةِ فَبِقَطْعِهَا تَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَبِقَطْعِ إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَالْعُلْيَا، وَالسُّفْلَى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: فِي السُّفْلَى ثُلُثَا دِيَةٍ، وَفِي الْعُلْيَا ثُلُثُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ فِي الْعُلْيَا جَمَالًا فَقَطْ، وَفِي السُّفْلَى جَمَالًا وَمَنْفَعَةً، وَهِيَ اسْتِمْسَاكُ الرِّيقِ بِهَا، وَكَذَلِكَ فِي الْيَدَيْنِ فَإِنَّ مَنْفَعَةَ الْبَطْشِ فِي الْآدَمِيِّ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ فَفِي قَطْعِهِمَا تَفْوِيتُ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ، وَفِي قَطْعِ إحْدَاهُمَا تَنْقِيصُهُ، وَكَذَلِكَ فِي ثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ كَامِلَةٌ، وَهِيَ مَنْفَعَةُ رَضَاعِ الْوَلَدِ، وَكَمَا تَجِبُ الدِّيَةُ بِقَطْعِ ثَدْيَيْهَا تَجِبُ بِقَطْعِ حَلَمَتَيْهَا؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ الْمَنْفَعَةِ يَحْصُلُ بِقَطْعِ الْحَلَمَةِ كَمَا يَحْصُلُ بِقَطْعِ جَمِيعِ الثَّدْيِ فَهُوَ نَظِيرُ مَا ذَكَرْنَا فِي الْحَشَفَةِ مَعَ الذَّكَرِ، وَالْمَارِنِ مَعَ الْأَنْفِ، وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ، وَهِيَ مَنْفَعَةُ الْإِمْنَاءِ، وَالنَّسْلِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي الرِّجْلَيْنِ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ، وَهِيَ مَنْفَعَةُ الْمَشْيِ، وَانْتِفَاعُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا تَمَكَّنَ الْمَرْءِ مِنْ الْمَشْيِ فَقَطْعُ الرِّجْلَيْنِ بِمَنْزِلَةِ اسْتِهْلَاكِهِ حُكْمًا.
وَأَمَّا مَا يَكُونُ أَرْبَاعًا فِي الْبَدَنِ فَهُوَ أَشْفَارُ الْعَيْنَيْنِ يَجِبُ فِي كُلِّ شَفْرٍ رُبُعُ الدِّيَةِ، وَيَسْتَوِي إنْ نَتَفَ الْأَهْدَابَ فَأَفْسَدَ الْمَنْبَتَ أَوْ قَطَعَ الْجُفُونَ كُلَّهَا بِالْأَشْفَارِ؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ الْجَمَالِ يَتِمُّ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ تَفْوِيتُ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَهْدَابَ، وَالْجُفُونَ تَقِي الْأَذَى عَنْ الْعَيْنَيْنِ وَتَفْوِيتُ ذَلِكَ بِنَقْصٍ مِنْ الْبَصَرِ، وَيَكُونُ آخِرُهُ الْعَمَى فَيَجِبُ فِيهَا كَمَالُ الدِّيَةِ، وَهِيَ أَرْبَاعٌ فِي الْبَدَنِ فَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute