للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِهِ لَهَاتُهُ وَلَكِنْ يَبْرُدُ بِالْمِبْرَدِ إلَى مَوْضِعِ أَصْلِ السِّنِّ فَأَمَّا إذَا كَانَ خَطَأً فَالْوَاجِبُ فِيهِ الْأَرْشُ كَمَا بَيَّنَّا، وَهُوَ الْمَعْنَى فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الْعِظَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِسَائِرِ الْعِظَامِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيمَا يَكُونُ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا وَلِهَذَا قُلْنَا فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا ثُمَّ إنْ - ضَرَبَ عَلَى سِنِّهِ حَتَّى اسْوَدَّتْ أَوْ احْمَرَّتْ أَوْ اخْضَرَّتْ فَعَلَيْهِ أَرْشُ السِّنِّ كَامِلًا؛ لِأَنَّ الْجَمَالَ، وَالْمَنْفَعَةَ يَفُوتُ بِذَلِكَ.

وَقَالَ: السَّوَادُ فِي السِّنِّ دَلِيلُ مَوْتِهَا فَإِذَا اصْفَرَّتْ فَقَدْ رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ فِيهَا حُكْمَ عَدْلٍ وَذَكَرَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ فِيهَا حُكْمَ عَدْلٍ، وَفِي الْحُرِّ لَا شَيْءَ، وَفِي الْمَمْلُوكِ حُكْمُ عَدْلٍ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيهَا حُكْمُ عَدْلٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْجَمَالَ عَلَى الْكَمَالِ فِي بَيَاضِ السِّنِّ فَبِالصُّفْرَةِ يَنْقُصُ مَعْنَى الْجَمَالِ فِيهَا، وَلِهَذَا يَجِبُ فِي الْمَمْلُوكِ حُكْمُ عَدْلٍ فَكَذَلِكَ فِي الْحُرِّ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: الصُّفْرَةُ مِنْ أَلْوَانِ السِّنِّ فَلَا يَكُونُ دَلِيلَ مَوْتِ السِّنِّ، وَالْمَطْلُوبُ بِالسِّنِّ فِي الْإِحْرَازِ الْمَنْفَعَةُ، وَهِيَ قَائِمَةٌ بَعْدَمَا اصْفَرَّتْ فَأَمَّا حَقُّ الْمَوْلَى فِي الْمَمْلُوكِ فَالْمَالِيَّةُ وَقَدْ تُنْتَقَصُ بِاصْفِرَارِ السِّنِّ وَعَلَى هَذَا لَوْ قُلِعَ سِنٌّ فَنَبَتَتْ صَفْرَاءَ أَوْ نَبَتَتْ كَمَا كَانَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْأَرْشِ بِاعْتِبَارِ فَسَادِ الْمَنْبَتِ، وَحِينَ نَبَتَتْ كَمَا كَانَتْ عَرَفْنَا أَنَّهُ مَا فَسَدَ الْمَنْبَتُ ثُمَّ وُجُوبُ الْأَرْشِ بِاعْتِبَارِ بَقَاءِ الْأَثَرِ، وَلَمْ يَبْقَ أَثَرٌ حِينَ نَبَتَتْ كَمَا كَانَتْ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْجِرَاحَاتِ الَّتِي تَنْدَمِلُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَبْقَى لَهَا أَثَرٌ تَجِبُ حُكُومَةٌ بِقَدْرِ مَا لَحِقَهُ مِنْ الْأَلَمِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَرْجِعُ عَلَى الْجَانِي بِقَدْرِ مَا احْتَاجَ إلَيْهِ مِنْ ثَمَنِ الدَّوَاءِ وَأُجْرَةِ الْأَطِبَّاءِ حَتَّى انْدَمَلَتْ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: لَا يَجِبُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِمُجَرَّدِ الْأَلَمِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ مَنْ ضُرِبَ ضَرْبَةً تَأَلَّمَ بِهَا، وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ شَيْءٌ لَا يَجِبُ شَيْءٌ أَرَأَيْت لَوْ شَتَمَهُ شَتِيمَةً أَكَانَ عَلَيْهِ أَرْشٌ بِاعْتِبَارِ إيلَامٍ حَلَّ فِيهِ.

قَالَ: وَفِي الْيَدِ إذَا قُطِعَتْ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ دِيَةُ الْيَدِ وَحُكْمُ عَدْلٍ فِيمَا بَيْنَ الْكَفِّ إلَى السَّاعِدِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِرْفَقِ كَانَ فِي الذِّرَاعِ بَعْدَ دِيَةِ الْيَدِ حُكْمُ عَدْلٍ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجِبُ فِيهِ إلَّا أَرْشُ الْيَدِ إذَا قَطَعَهَا مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ، وَكَذَلِكَ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا إذَا قَطَعَهَا مِنْ الْمَنْكِبِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا أَرْشُ الْيَدِ، وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «وَفِي الْيَدَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُ الدِّيَةِ»، وَالْيَدُ: اسْمٌ لِلْجَارِحَةِ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْآبَاطِ وَقَدْ رَوَيْنَا فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حَارِثَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَضَى

<<  <  ج: ص:  >  >>