للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأُنْثَى فِيهِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ حَالِ الذَّكَرِ فَالذَّكَرُ أَهْلٌ لِمَالِكِيَّةِ النِّكَاحِ، وَالْمَالِ جَمِيعًا، وَالْأُنْثَى أَهْلٌ لِمَالِكِيَّةِ الْمَالِ دُونَ النِّكَاحِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ، وَفِي هَذَا أَرْشُ الْمُوضِحَةِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ.

قَالَ: وَفِي ذَكَرِ الْخَصِيِّ وَلِسَانِ الْأَخْرَسِ، وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ، وَالرِّجْلِ الْعَرْجَاءِ، وَالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ الْعَوَرِ، وَالسِّنِّ السَّوْدَاءِ وَذَكَرِ الْعِنِّينِ حُكْمُ عَدْلٍ بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْ إبْرَاهِيمَ؛ وَهَذَا لِأَنَّ إيجَابَ كَمَالِ الْأَرْشِ فِي هَذِهِ الْأَعْضَاءِ بِاعْتِبَارِ تَفْوِيتِ الْمَنْفَعَةِ الْكَامِلَةِ، وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ كَانَتْ فَائِتَةً قَبْلَ جِنَايَتِهِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ مَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ إنْسَانٍ حَتَّى شُلَّتْ أَوْ عَلَى عَيْنِهِ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَرْشُ فَلَوْلَا تَفْوِيتُ الْمَنْفَعَةِ لِمَا حَلَّ بِهَا لَمَا لَزِمَهُ كَمَالُ الْأَرْشِ، فَلَوْ أَوْجَبْنَا بِالْقَطْعِ بَعْدَ ذَلِكَ أَرْشًا كَامِلًا مَرَّةً أُخْرَى أَدَّى إلَى إيجَابِ أَرْشَيْنِ كَامِلَيْنِ عَنْ عُضْوٍ وَاحِدٍ وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَجِبُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الْأَرْشُ كَامِلًا، وَنَقُولُ: فِي قَطْعِهَا تَفْوِيتُ الْجَمَالِ الْكَامِلِ، وَالْجَمَالُ مَطْلُوبٌ مِنْ الْآدَمِيِّ كَالْمَنْفَعَةِ بَلْ الْجَمَالُ يَرْغَبُ فِيهِ الْعُقَلَاءُ فَوْقَ رَغْبَتِهِمْ فِي الْمَنْفَعَةِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: فِي الْأَعْضَاءِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْمَقْصُودُ الْمَنْفَعَةَ، وَالْجَمَالُ تَبَعٌ فَبِاعْتِبَارِهِ لَا تَتَكَامَلُ الْجِنَايَةُ فِي الْأَرْشِ.

ثُمَّ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ الْعَوْرَاءِ جَمَالٌ عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَةَ الْحَالِ فَأَمَّا عِنْدَ مَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ فَلَا، فَعَرَفْنَا أَنَّ مَعْنَى الْحَالِ فِي هَذِهِ الْأَعْضَاءِ غَيْرَ كَامِلَةٍ بَعْدَ فَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ فَلِوُجُودِ بَعْضِ الْجَمَالِ فِيهَا أَوْجَبْنَا حُكْمَ عَدْلٍ فَلِانْعِدَامِ الْكَمَالِ فِيهَا لَا يُوجِبُ كَمَالَ الْأَرْشِ، وَفِي الضِّلْعِ حُكْمُ عَدْلٍ، وَفِي السَّاعِدِ إذَا كُسِرَ أَوْ كُسِرَ أَحَدُ الزَّنْدَيْنِ حُكْمُ عَدْلٍ، وَفِي السَّاقِ إذَا انْكَسَرَتْ حُكْمُ عَدْلٍ، وَفِي التَّرْقُوَةِ حُكْمُ عَدْلٍ عَلَى قَدْرِ الْجِرَاحَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعِظَامِ إذَا كُسِرَتْ إلَّا فِي السِّنِّ خَاصَّةً لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا قِصَاصَ فِي الْعَظْمِ»؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ يَنْبَنِي عَلَى الْمُسَاوَاةِ، وَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُسَاوَاةُ فِي كَسْرِ الْعَظْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْكَسِرُ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُرَادُ كَسْرُهُ، وَبِدُونِ اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فَإِذَا تَعَذَّرَ إيجَابُ الْقِصَاصِ، وَلَيْسَ فِيهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ كَانَ الْوَاجِبُ فِيهَا حُكْمَ عَدْلٍ فَأَمَّا فِي السِّنِّ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَضَى فِي الْقِصَاصِ فِي السِّنِّ وَبَيَّنَ الْأَطِبَّاءُ كَلَامًا فِي السِّنِّ أَنَّهُ عَظْمٌ أَوْ طَرَفُ عَصَبٍ يَابِسٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُ كَوْنَ السِّنِّ عَظْمًا؛ لِأَنَّهُ يَحْدُثُ وَيَنْمُو بَعْدَ تَمَامِ الْخِلْقَةِ وَيَلِينُ بِالْحِلِّ فَعَلَى هَذَا لَا حَاجَةَ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الْعِظَامِ مَتَى ثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَظْمٍ وَلَئِنْ قُلْنَا: إنَّهُ عَظْمٌ، وَفِي سَائِرِ الْعِظَامِ لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْمُسَاوَاةِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَبْرُدَ بِالْمِبْرَدِ بِقَدْرِ مَا كُسِرَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ قَلَعَ السِّنَّ فَإِنَّهُ لَا يُقْلَعُ مِنْهُ قِصَاصًا لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ فَرُبَّمَا تَفْسُدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>