للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْقَتِيلِ وَلَا دِيَةَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ قَتِيلُ الْأَعْدَاءِ عِنْدَمَا الْتَقَى الصَّفَّانِ لِلْقِتَالِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِنْسَانَ بَعْدَ اللِّقَاءِ إنَّمَا يَقْتُلُ مَنْ يُعَادِيهِ لَا مَنْ يُؤَازِرُهُ، وَإِنَّمَا كُنَّا نُوجِبُ الْقَسَامَةَ، وَالدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِاعْتِبَارِ نَوْعٍ مِنْ الظَّاهِرِ وَقَدْ انْعَدَمَ هَاهُنَا، فَإِنْ كَانَ الْعَسْكَرُ مُخْتَلِطًا فَوُجِدَ فِي طَائِفَةٍ مِنْهُمْ قَتِيلٌ، فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِ أَهْلِ الْأَخْبِيَةِ إلَيْهِ عَلَى مَنْ فِي الْخِبَاءِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ تَدْبِيرَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إلَيْهِمْ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْقُرْبَ مُعْتَبَرٌ فِي حُكْمِ الْقَسَامَةِ، وَالدِّيَةِ.

وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي قَبِيلَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الْقَسَامَةِ النِّسَاءُ، وَالصِّبْيَانُ، وَالْمَمَالِيكُ مِنْ الْمُكَاتَبِينَ وَغَيْرِهِمْ. وَمُعْتَقُ الْبَعْضِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَالْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ أَتْبَاعٌ فِي السُّكْنَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَا يُزَاحِمُونَ أَهْلَ الْقَبِيلَةِ فِي التَّدْبِيرِ فِي قَتِيلِهِمْ وَلِأَنَّهُمْ لَا يَقُومُونَ بِحِفْظِهَا دُونَ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي الْقَسَامَةِ، وَالدِّيَةِ النُّصْرَةُ، وَالنُّصْرَةُ لَا تَقُومُ بِالنِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانِ.

وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ امْرَأَةٍ فِي مِصْرٍ لَيْسَ فِيهِ مِنْ عَشِيرَتِهَا أَحَدٌ فَإِنَّ الْأَيْمَانَ تَتَكَرَّرُ عَلَى الْمَرْأَةِ حَتَّى تَحْلِفَ خَمْسِينَ يَمِينًا، ثُمَّ تُفْرَضُ الدِّيَةُ عَلَى أَقْرَبِ الْقَبَائِلِ مِنْهَا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ الْأَوَّلُ، ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ يُضَمُّ إلَيْهَا أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ مِنْهَا فَيُقْسِمُونَ وَيَعْقِلُونَ. وَجْهُ قَوْلِهِ الْآخَرِ: أَنَّ الْمَرْأَةَ فِي حُكْمِ الْقَسَامَةِ كَالصَّبِيِّ بِدَلِيلِ أَنَّ فِي الْقَتِيلِ الْمَوْجُودِ فِي الْمَحَلَّةِ لَا يَدْخُلُ النِّسَاءُ، وَالصِّبْيَانُ، ثُمَّ إذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ الصَّبِيِّ، فَالْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَكَذَلِكَ فِي دَارِ الْمَرْأَةِ، وَعَاقِلَتُهَا هُمْ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ النُّصْرَةِ، وَالدِّيوَانِ وَوَجْهُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ: أَنَّ وُجُوبَ الْقَسَامَةِ فِي الْقَتِيلِ الْمَوْجُودِ فِي الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ، وَالْمَرْأَةُ فِي الْمِلْكِ كَالرَّجُلِ (أَلَا تَرَى) أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِالتَّدْبِيرِ فِي مِلْكِهَا، وَأَنَّ الْوِلَايَةَ فِي حِفْظِ مِلْكِهَا إلَيْهَا فَكَانَتْ كَالرَّجُلِ فِي حُكْمِ الْقَسَامَةِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا تَدْبِيرَ لَهُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ وَلَا يَقُومُ بِحِفْظِ مِلْكِهِ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ لِلْمَرْأَةِ قَوْلٌ مُلْزِمٌ فِي الْجِنَايَةِ كَالرَّجُلِ حَتَّى يَصِحَّ مِنْهَا الْإِقْرَارُ بِالْقَتْلِ، وَلَيْسَ لِلصَّبِيِّ قَوْلٌ مُلْزِمٌ فِي الْجِنَايَةِ، وَالْقَسَامَةُ فِي مَعْنَى قَوْلٍ مُلْزِمٍ فَيَثْبُتُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ دُونَ الصَّبِيِّ بِخِلَافِ الْقَتِيلِ الْمَوْجُودِ فِي الْمَحَلَّةِ، فَالْمَرْأَةُ فِي الْمَحَلَّةِ مِثْلُ الصَّبِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَا تَقُومُ بِحِفْظِ الْمَحَلَّةِ، وَالدَّفْعِ عَنْهَا، وَالتَّدْبِيرِ فِيهَا.

ثُمَّ ظَاهِرِ مَا يَقُولُ فِي الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنَّمَا الدِّيَةُ عَلَى أَقْرَبِ الْقَبَائِلِ مِنْهَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّحَاوِيِّ فِي مُبَاشَرَةِ الْقَتْلِ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَقُولُ إذَا كَانَ الْقَاتِلُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَاقِلَةِ فَعَلَيْهِ جُزْءٌ مِنْ الدِّيَةِ، فَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ غَيْرَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ، وَالْمَرْأَةُ تَدْخُلُ فِي جُمْلَةِ الْعَاقِلَةِ إذَا كَانَ الْقَاتِلُ غَيْرَهَا، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ هِيَ لَا تَدْخُلُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>