للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نِصْفُ دِيَةِ الْيَدِ فِي مَالِهِ، وَكَذَلِكَ قُلْتُمْ لَوْ أَنَّ مُحْرِمَيْنِ قَتَلَا صَيْدًا بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَتَهُ صَحِيحًا وَلَوْ جَرَحَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَحَلٍّ عَلَى حِدَةٍ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَتَهُ مَجْرُوحًا بِجِرَاحَةِ صَاحِبِهِ فَبِهِ يَتَّضِحُ هَذَا الْفَرْقُ، وَلَكِنَّا نَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَاطِعٌ بَعْضَ الْيَدِ سَوَاءٌ اخْتَلَفَ مَحَلُّ الْفِعْلِ، أَوْ اتَّحَدَ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ هُوَ الْفِعْلُ بَيْنَ مُتَّصِلَيْنِ؛ وَلِهَذَا يُطْلَقُ هَذَا الِاسْمُ عَلَى الْخَشَبِ، وَالنَّبَاتِ، وَالْجِبَالِ وَنَحْنُ نَتَيَقَّنُ أَنَّ مَا انْقَطَعَ بِفِعْلِ أَحَدِهِمَا لَمْ يَنْقَطِعْ بِفِعْلِ الْآخَرِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِإِمْرَارِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السِّلَاحُ عَلَى جَمِيعِ الْعُضْوِ؛ لِأَنَّ إمْرَارَ السِّلَاحِ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ الْقَطْعِ بِهِ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ وَمَا انْقَطَعَ بِقُوَّةِ أَحَدِهِمَا لَمْ يَنْقَطِعْ بِقُوَّةِ الْآخَرِ هَذَا شَيْءٌ يَعْرِفُهُ كُلُّ عَاقِلٍ فَعَرَفْنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَاطِعُ بَعْضِ الْيَدِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَ جَمِيعَ يَدِهِ بِقَطْعِهِ بَعْضَ الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِي الْفِعْلِ مُعْتَبَرَةٌ لَا مُحَالَةٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَطْعَ فِي الْجُمْلَةِ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْوَصْفَ بِالتَّجَزِّي وَمَا يَحْتَمِلُ الْوَصْفَ بِالتَّجَزِّي إذَا اشْتَرَكَ فِيهِ اثْنَانِ يُضَافُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْضُهُ، وَإِنْ حَصَلَ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مُتَجَزِّي كَمَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي تَمْزِيقِ ثَوْبٍ، أَوْ فِي اسْتِهْلَاكِ دُرَّةٍ، أَوْ فِي جَمَلٍ حَبَسَهُ يُضَافُ نِصْفُهُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ حَصَلَ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مُتَجَزِّئٍ فَأَمَّا النَّفْسُ، فَالْقِيَاسُ فِيهَا هَكَذَا، وَلَكِنْ تَرَكْنَا الْقِيَاسَ بِالْأَثَرِ، وَهُوَ حَدِيثُ عُمَرَ، وَالْمَخْصُوصُ مِنْ الْقِيَاسِ بِالْأَثَرِ لَا يُلْحَقُ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِي النَّفْسِ لَا يَحْتَمِلُ الْوَصْفَ بِالتَّجَزِّي بِحَالٍ، وَالْفِعْلُ فِي الطَّرَفِ يَحْتَمِلُ الْوَصْفَ بِالتَّجَزِّي.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ يَتَحَقَّقُ أَنْ يُقْطَعَ بَعْضُ الْيَدِ وَيَتْرُكَ مَا بَقِيَ وَفِي النَّفْسِ لَا يَتَحَقَّقُ إزْهَاقُ بَعْضِ الْحَيَاةِ دُونَ الْبَعْضِ فَلِعَدَمِ احْتِمَالِ التَّجَزُّؤِ هُنَاكَ يُجْعَلُ كَامِلًا فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِاحْتِمَالِ التَّجَزُّؤِ هَاهُنَا يُجْعَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَاطِعًا لِلْبَعْضِ يُوَضِّحُ الْفَرْقَ أَنَّ الْفِعْلَ فِي النَّفْسِ يَكْمُلُ بِسِرَايَةِ فِعْلِهِ فَإِنَّهُ لَوْ جُرِحَ فَسَرَى إلَى النَّفْسِ كَانَ مُبَاشِرًا قَتْلَهُ، وَالْفِعْلُ فِي الطَّرَفِ لَا يَكْمُلُ بِسِرَايَةِ الْفِعْلِ، وَأَنَّهُ لَوْ قَطَعَ فَسَرَى إلَى مَا بَقِيَ حَتَّى سَقَطَ لَا يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ وَسِرَايَةُ فِعْلِهِ أَقْرَبُ إلَى فِعْلِهِ مِنْ فِعْلِ شَرِيكِهِ، فَإِذَا لَمْ يَجُزْ تَكْمِيلُ فِعْلِهِ بِسِرَايَةِ فِعْلِهِ فِي حُكْمِ الْقِصَاصِ، فَلَأَنْ لَا يَجُوزَ تَكْمِيلُهُ بِفِعْلِ شَرِيكِهِ أَوْلَى. وَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ الزَّجْرِ. فَإِنَّ مَعْنَى الزَّجْرِ مُعْتَبَرٌ بَعْدَ وُجُودِ الْمُمَاثَلَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا تُقْطَعُ يَدُ الْحُرِّ بِيَدِ الْعَبْدِ وَلَا الصَّحِيحَةُ بِالشَّلَّاءِ لِانْعِدَامِ الْمُمَاثَلَةِ، وَإِنْ وَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الزَّجْرِ وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي أَدْنَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْقَطْعُ لَا يَلْزَمُهُمَا الْقَطْعُ كَمَا لَوْ اشْتَرَكَ رَجُلَانِ فِي سَرِقَةِ نِصَابٍ وَاحِدٍ لَا يُقْطَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ دُرَّةً لَا تَحْتَمِلُ التَّجَزُّؤَ وَبِهِ فَارَقَ النَّفْسَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي أَدْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>