للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَهُ مَا بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ مِنْ الشَّاجِّ لَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّجَّةُ فِي طُولِ رَأْسِ الْمَشْجُوجِ وَهِيَ تَأْخُذُ مِنْ رَأْسِ الشَّاجِّ مِنْ جَبْهَتِهِ إلَى قَفَاهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْشَ، وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ لَهُ مِقْدَارَ شَجَّتِهِ إلَى مِثْلِ مَوْضِعِهَا مِنْ رَأْسِهِ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَجَّهُ مِثْلَ شَجَّتِهِ فِي الطُّولِ كَانَ هَذَا فِي مَعْنَى السَّبْرِ أَزْيَدَ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى اسْتِيفَاءِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ شَجَّهُ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ رَأْسِهِ كَانَ دُونَ حَقِّهِ فِي الطُّولِ فَيُخَيَّرُ لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ أُخِذَتْ مِنْ الْمَشْجُوجِ مَا بَيْنَ جَبْهَتِهِ إلَى قَفَاهُ وَلَا تَبْلُغُ مِنْ رَأْسِ الشَّاجِّ إلَّا إلَى نِصْفِ ذَلِكَ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْشَ، وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ لَهُ بِمِقْدَارِ شَجَّتِهِ إلَى حَيْثُ تَبْلُغُ وَيَبْدَأُ مِنْ أَيِّ الْجَانِبَيْنِ أَحَبَّ لِمَا قُلْنَا وَقَدَّمْنَا فِيمَا سَبَقَ.

حُكْمُ الْقِصَاصِ فِي الشِّجَاجِ وَمَا فِيهَا مِنْ اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ، وَأَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَبْرَأَ وَلَا قِصَاصَ فِي الْهَاشِمَةِ، وَالْمُنَقِّلَةِ، وَالْآمَّةِ، وَالْجَائِفَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْجِرَاحَاتِ فِي الْعَظْمِ فَاعْتِبَارُ الْمُمَاثَلَةِ فِيهَا غَيْرُ مُمْكِنٍ وَبَلَغْنَا عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: لَا قِصَاصَ فِي عَظْمٍ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: وَلَا قِصَاصَ فِي آمَّةٍ وَلَا جَائِفَةَ وَلَا مُنَقِّلَةٍ وَلَا عَظْمٍ يَخَافُ عَلَيْهِ تَلَفٌ وَكُلُّ عَظْمٍ كُسِرَ مِنْ سَاعِدٍ، أَوْ سَاقٍ أَوْ ضِلْعٍ، أَوْ تَرْقُوَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَفِيهِ حُكْمُ عَدْلٍ وَلَا قِصَاصَ فِيهِ لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْمُسَاوَاةِ فِيهِ وَلِلتَّفَاوُتِ فِي الْأَرْشِ فَإِنَّ حُكْمَ الْعَدْلِ إنَّمَا يَظْهَرُ بِتَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَقْطُوعًا بِهِ.

، وَإِذَا قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا وَيَدُ الْقَاطِعِ شَلَّاءُ، أَوْ نَاقِصَةٌ أُصْبُعًا قِيلَ لَهُ اقْطَعْ يَدَهُ إنْ شِئْت وَإِلَّا فَخُذْ الْأَرْشَ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ جِنْسَ حَقِّهِ، وَلَكِنَّهُ نَاقِصٌ فِي الصِّفَةِ فَيَتَخَيَّرُ لِذَلِكَ، فَإِنْ سَقَطَتْ يَدُهُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ لَهُ الْقِصَاصُ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لَهُ عِنْدَنَا وَلَهُ الْأَرْشُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ يَدُ الْقَاطِعِ صَحِيحَةً فَسَقَطَتْ لِأَكَلَةٍ أَوْ قُطِعَتْ ظُلْمًا فَلَا شَيْءَ لِمَنْ لَهُ الْقِصَاصُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَهُ الْأَرْشُ، وَكَذَلِكَ فِي النَّفْسِ لَوْ مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ قُتِلَ، فَهُوَ بِنَاءً عَلَى مَا سَبَقَ أَنَّ عِنْدَهُ الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ إمَّا الْقِصَاصُ، أَوْ الْأَرْشُ، وَإِذَا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ أَحَدِهِمَا لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ تَعَيَّنَ الْآخَرُ وَعِنْدَنَا الْوَاجِبُ هُوَ الْقِصَاصُ لَا غَيْرُ وَقَدْ سَقَطَ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، وَالْحَقُّ الثَّابِتُ فِي مَحَلٍّ مَقْصُورٍ عَلَيْهِ لَا يَبْقَى بَعْدَ فَوَاتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ فِي سَرِقَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَضَى بِيَدِهِ حَقًّا مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ كَالسَّالِمِ لَهُ حُكْمًا إذَا ثَبَتَ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَتْ يَدُهُ صَحِيحَةً فَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ يَدُهُ شَلَّاءَ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ كَانَ فِي الْقِصَاصِ، وَقَدْ فَاتَ مَحَلُّهُ حِينَ سَقَطَتْ يَدُهُ، فَإِنْ قِيلَ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَاسْتِيفَاءِ الْأَرْشِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِيفَاءُ أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ الْآخَرُ قُلْنَا لَا كَذَلِكَ، بَلْ كَانَ حَقُّهُ فِي الْقِصَاصِ لَا غَيْرُ إلَّا أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>