للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَحْيَانَا يَتَأَخَّرُ لِأَنَّهُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ سَائِقٌ لِلْقِطَارِ أَوْ قَائِدٌ.

وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ رَاكِبًا وَسَطَ الْقِطَارِ عَلَى بَعِيرٍ وَلَا يَسُوقُ مِنْهَا شَيْئًا لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا مِمَّا تُصِيبُ الْإِبِلُ الَّتِي بَيْنَ يَدَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَائِقٍ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِنْ ثَقُلَ السَّوْقُ فِي الزَّجْرِ عَلَى الْإِبِلِ وَالضَّرْبُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَعَهُمْ فِي الضَّمَانِ فِيمَا أَصَابَ الْبَعِيرُ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ وَمَا خَلْفَهُ أَمَّا مَا فِي الْبَعِيرِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ فَلِأَنَّهُ رَاكِبٌ وَالرَّاكِبُ شَرِيكُ السَّائِقِ وَالْقَائِدِ فِي الضَّمَانِ وَأَمَّا مَا خَلْفَهُ فَلِأَنَّهُ قَائِدٌ لِمَا خَلْفَهُ لِأَنَّ مَا خَلْفَهُ زِمَامُهُ مَرْبُوطٌ بِبَعِيرِهِ وَمَشْيُ الْبَعِيرِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ يُضَافُ إلَى الرَّاكِبِ فَيُجْعَلُ هُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى كَالْقَائِدِ لِمَا خَلْفَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: هَذَا إذَا كَانَ زِمَامُ مَا خَلْفَهُ يَقُودُهُ بِيَدِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ هُوَ نَائِمًا عَلَى بَعِيرِهِ أَوْ قَاعِدًا لَا يَفْعَلُ شَيْئًا لَا يَكُونُ بِهِ قَائِدًا لِمَا خَلْفَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ فِي حَقِّ مَا خَلْفَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ عَلَى بَعِيرِهِ.

وَإِذَا أَتَى الرَّجُلُ بِبَعِيرٍ فَرَبَطَهُ إلَى الْقِطَارِ وَالْقَائِدُ لَا يَعْلَمُ وَلَيْسَ مَعَهَا سَائِقٌ فَأَصَابَ ذَلِكَ الْبَعِيرُ إنْسَانًا ضَمِنَ الْقَائِدُ لِأَنَّهُ قَائِدٌ لِذَلِكَ الْبَعِيرِ وَالْقَوْدُ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ وَمَعَ تَحَقُّقِ سَبَبِ الضَّمَانِ لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ لِجَهْلِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْقَائِدُ عَلَى الَّذِي رَبَطَ الْبَعِيرَ بِذَلِكَ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَلْزَمَهُ ذَلِكَ الضَّمَانَ حِين رَبَطَ الْبَعِيرَ بِقِطَارِهِ وَهُوَ مُتَعَدٍّ فِيمَا صَنَعَ فَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّمَانِ وَلَوْ كَانَ الْبَعِيرُ وَاقِعًا حِينَ رَبَطَهُ بِالْقِطَارِ ثُمَّ قَادَ فَأَصَابَ ذَلِكَ الْبَعِيرُ شَيْئًا فَالضَّمَانُ عَلَى الْقَائِدِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الَّذِي رَبَطَ الْبَعِيرَ بِذَلِكَ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي رَبَطَ الْبَعِيرَ بِقِطَارِهِ كَانَ هُوَ السَّبَبُ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّمَانِ فَيَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِهِ عَلَيْهِ وَفِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا إنْ عَلِمَ صَاحِبُ الْقِطَارِ وَقَادَ الْقِطَارَ عَلَى حَالِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الرَّابِطِ بِشَيْءٍ مِنْ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَا عَلِمَ لَمَّا قَادَ الْقِطَارَ فَقَدْ صَارَ ضَامِنًا بِفِعْلِهِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ رَبَطَ بِأَمْرِهِ.

وَلَوْ سَقَطَ شَيْءٌ مِمَّا يَحْمِلُ الْإِبِلُ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ أَوْ سَقَطَ بِالطَّرِيقِ فَعَثَرَ فَمَاتَ كَانَ الضَّمَانُ فِي ذَلِكَ عَلَى الَّذِي يَقُودُ الْإِبِلَ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ سَائِقٌ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ بِأَنْ يَشُدَّ الْحَمْلَ عَلَى الْبَعِيرِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَسْقُطُ وَإِنَّمَا يَسْقُطُ لِتَقْصِيرٍ كَانَ مِنْ الْقَائِدِ وَالسَّائِقِ فِي الشَّدِّ فَكَأَنَّهُ أَسْقَطَ ذَلِكَ بِيَدِهِ فَيَكُونُ ضَامِنًا لِمَا تَلِفَ بِسُقُوطِهِ عَلَيْهِ وَلِمَنْ يَعْثُرُ بِهِ بَعْدَ مَا سَقَطَ فِي الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ شَيْءٌ أَحْدَثَهُ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ.

وَإِذَا سَارَ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي الطَّرِيقِ فَعَثَرَ بِحَجَرٍ وَضَعَهُ رَجُلٌ أَوْ بُدٍّ كَانَ قَدْ بَنَاهُ رَجُلٌ أَوْ بِمَاءٍ قَدْ صَبَّهُ رَجُلٌ فَوَقَعَتْ عَلَى إنْسَانٍ فَمَاتَ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي أَحْدَثَ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ إحْدَاثِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ الطَّرِيقَ مُعَدٌّ لِمُرُورِ النَّاسِ فِيهِ فَمَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>