أَوْ يَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُرُورِ فِيهِ يَكُونُ هُوَ مَمْنُوعًا مِنْ إحْدَاثِ ذَلِكَ وَبِهَذَا الطَّرِيقِ يَصِيرُ الْمُحْدِثُ كَالدَّافِعِ لِلدَّابَّةِ عَلَى مَا سَقَطَتْ عَلَيْهِ فَيَكُونُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ دُونَ الرَّاكِبِ قَالُوا هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الرَّاكِبُ بِمَا أُحْدِثَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ وَسَيَّرَ الدَّابَّةَ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَصْدًا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ طَرَأَ عَلَى فِعْلِ الَّذِي أَحْدَثَ فِعْلٌ آخَرُ مِمَّنْ هُوَ مُخْتَارٌ فَيُفْسَخُ بِهِ حُكْمُ فِعْلِ الْأَوَّلِ وَيَكُونُ الضَّمَانُ عَلَى الثَّانِي بِمَنْزِلَةِ مَنْ وَضَعَ حَجَرًا عَلَى الطَّرِيقِ فَزَحْزَحَهُ رَجُلٌ آخَرُ إلَى جَانِبٍ آخَرَ مِنْ الطَّرِيقِ ثُمَّ عَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.
وَلَوْ سَارَ عَلَى دَابَّتِهِ فِي مِلْكِهِ فَأَوْطَأَتْ إنْسَانًا بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَقَتَلَتْهُ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ جَمِيعًا لِأَنَّ الرَّاكِبَ مُبَاشِرٌ لِلْقَتْلِ فِيمَا أَوْطَأَتْ دَابَّتُهُ وَالْمُبَاشَرَةُ فِي مِلْكِهِ وَفِي غَيْرِ مِلْكِهِ سَوَاءٌ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ كَالرَّمْيِ فَإِنْ رَمَى فِي مِلْكِهِ فَأَصَابَ إنْسَانًا كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ وَإِنْ كَانَ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ بِتَقْرِيبِ الدَّابَّةِ مِنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَالْمُتَسَبِّبُ إنَّمَا يَكُونُ ضَامِنًا إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا بِسَبَبِهِ وَهُوَ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ لَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا فِي سَوْقِ الدَّابَّةِ وَلَا قَوْدِهَا فَهُوَ نَظِيرُ الْقَاعِدِ فِي مِلْكِهِ إذَا تَعَثَّرَ بِهِ إنْسَانٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْفَرْقِ أَنَّ السَّائِقَ وَالْقَائِدَ فِي الطَّرِيقِ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لِانْعِدَامِ مُبَاشَرَةِ الْقَتْلِ مِنْهُ وَالرَّاكِبُ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ.
وَلَوْ أَوْقَفَهَا فِي مِلْكِهِ فَأَصَابَتْ إنْسَانًا مِنْ أَهْلِهِ أَوْ أَجْنَبِيًّا دَخَلَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي إيقَافِهَا فِي مِلْكِهِ وَكَذَلِكَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ فِي دَارِ مُخَلَّى عَنْهُ أَوْ مَرْبُوطًا لِأَنَّ صَاحِبَ الْكَلْبِ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي إمْسَاكِهِ فِي مِلْكِهِ.
وَلَوْ رَبَطَ دَابَّتَهُ فِي الطَّرِيقِ فَجَالَتْ فِي رِبَاطِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحِلَّهَا أَحَدٌ فَمَا أَصَابَتْ فَهُوَ عَلَى الَّذِي رَبَطَهَا لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي رَبْطِهَا فِي الطَّرِيقِ وَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ وَقَفَتْ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ مَرْبُوطَةً فَذَلِكَ يَكُون مُضَافًا إلَى مَنْ رَبَطَهَا لِأَنَّ الرَّابِطَ يَعْلَمُ حِينَ رَبَطَهَا أَنَّهُ تَحَوَّلَ فِي رِبَاطِهَا بِهَذَا الْقَدْرِ فَلَا يَكُونُ تَغْيِيرُهَا عَنْ حَالِهَا مُبْطِلًا الضَّمَانَ عَنْهُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ بِالرِّبَاطِ كَمَا هِيَ إلَّا أَنْ يَحِلَّ الرِّبَاطَ وَتَذْهَبَ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ فِي مَعْنَى الْمُنْفَلِتَةِ وَكَذَلِكَ كُلُّ بَهِيمَةٍ مِنْ سَبْعٍ أَوْ غَيْرِهِ إذَا أَوْقَفَهُ رَجُلٌ عَلَى الطَّرِيقِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ فِي هَذَا التَّسَبُّبِ حُكْمًا ضَامِنٌ لِمَا يَتْلَفُ بِهِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ حَالِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ طَرَحَ بَعْضَ الْهَوَامِّ عَلَى رَجُلٍ فَلَدَغَهُ ذَلِكَ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي هَذَا التَّسَبُّبِ وَلَا يُقَالُ قَدْ طَرَأَ عَلَى تَسَبُّبِهِ مُبَاشَرَةٌ وَهُوَ اللَّدْغُ مِنْ الْعَقْرَبِ أَوْ الْحَيَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ صَالِحٍ لِبِنَاءِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فَلَا يُقْطَعُ بِهِ حُكْمُ التَّسَبُّبِ الْمَوْجُودُ مِمَّنْ أَلْقَاهُ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute