للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَيْهِ بِكَمَالِهِ بِخِلَافِ إتْلَافِ الْمَالِ فَالْمُسْتَحَقُّ بِهِ بَدَلُ الْمُتْلَفِ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُتْلِفِ وَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ بَدَلَ الْمُتْلَفِ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُتْلِفِ وَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ نَفْسَ الْمُتْلَفِ بِحَالٍ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّ مُوجِبَ جِنَايَةِ الْخَطَأِ يَتَبَاعَدُ عَنْ الْجَانِي لِكَوْنِهِ مَعْذُورًا فِي ذَلِكَ وَيَكُونُ الْخَطَأُ مَوْضُوعًا شَرْعًا وَيَتَعَلَّقُ بِأَقْرَبِ النَّاسِ لِإِظْهَارِ صِيَانَةِ الْمَحَلِّ الْمُحْتَرَمِ وَالتَّخْفِيفِ عَلَى الْمُخْطِئِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ فِي حَقِّ الْحُرِّ تَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِهَذَا الْمَعْنَى فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الْعَبْدِ إلَّا أَنَّ عَاقِلَةَ الْعَبْدِ مَوْلَاهُ لِأَنَّ الْحُرَّ مُسْتَنْصِرٌ بِعَاقِلَتِهِ وَمُزَادٌ قُوَّةً وَجُرْأَةً بِهِمْ كَمَا أَنَّ الْمَمْلُوكَ يَسْتَنْصِرُ بِمَوْلَاهُ فَيَجِبُ ضَمَانُ جِنَايَتِهِ عَلَى الْمَوْلَى إلَّا أَنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ يَقُولَ: إنَّمَا لَحِقَنِي هَذَا الْبَلَاءُ بِسَبَبِ مِلْكِي فِيهِ فَلِي أَنْ أَتَخَلَّصَ عَنْهُ بِنَقْلِ مِلْكِي فِيهِ إلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَأَدْفَعُهُ بِالْجِنَايَةِ فَإِذَا دَفَعَهُ صَارَ كَأَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ هُوَ الْمَالِكُ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ آخَرُ عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ وَإِذَا لَمْ يَدْفَعْهُ كَانَ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ ضَمَانِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي ذِمَّةِ الْمُتْلِفِ وَلَا يُخَاطَبُ غَيْرُهُ كَمَا فِي حَقِّ الْحُرِّ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ: لَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى فِي ذَلِكَ حَتَّى يَظْهَرَ حَالُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ اعْتِبَارًا لِجِنَايَةِ الْعَبْدِ بِجِنَايَةِ الْحُرِّ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ هَذَا يَتَأَتَّى فِي جِنَايَةِ الْحُرِّ لِأَنَّ مُوجِبَهَا يَخْتَلِفُ بِالسِّرَايَةِ وَعَدَمِ السِّرَايَةِ فَلَا يَصِيرُ ذَلِكَ مَعْلُومًا قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ وَالْقَضَاءُ بِالْمَجْهُولِ غَيْرُ مُمْكِنٍ ثُمَّ الْوَاجِبُ هَاهُنَا الدَّفْعُ أَوْ الْفِدَاءُ وَالْمَوْلَى يُخَيَّرُ فِي ذَلِكَ وَاخْتِلَافُهُ بِالْبُرْءِ وَالسِّرَايَةِ وَالْخَطَأِ وَالْعَمْدِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ مَا لَمْ يَبْلُغْ النَّفْسَ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا قِصَاصَ بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْأَحْرَارِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَيَكُونُ مُوجِبُ جِنَايَتِهِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ الْمَالُ بِكُلِّ حَالٍ فَلِهَذَا كَانَ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِيهِ سَوَاءً فَإِذَا بَلَغَ النَّفْسَ وَهُوَ عَمْدٌ فَفِيهِ الْقِصَاصُ وَوُجُوبُ الْقِصَاصِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ نَفْسٌ مُخَاطَبَةٌ وَالْمَمْلُوكُ فِي ذَلِكَ كَالْحُرِّ وَالْمُسْتَحَقُّ بِالْقِصَاصِ دَمُهُ وَالْمَمْلُوكُ فِي حُكْمِ الدَّمِ مُبْقَى عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَلِهَذَا اسْتَحَقَّ الْمَوْلَى عَلَيْهِ الْقِصَاصَ إذَا تَقَرَّرَ سَبَبُهُ كَمَا يَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ وَالصَّغِيرُ مِنْ الْجِرَاحَاتِ فِي ذَلِكَ وَالْكَبِيرُ سَوَاءٌ عَلَى الْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى بِمَنْزِلَةِ الْمَوْجُودِ مِنْ الْحُرِّ فَكَمَا أَنَّ هُنَاكَ لَا يَتْلَفُ مُوجِبُ الْجِنَايَةِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ فَكَذَلِكَ بِجِنَايَةِ الْعَبْدِ. .

وَلَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ شَيْئًا مِنْ جِنَايَةِ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ بِالْجِنَايَةِ نَفْسُهُ وَنَفْسُهُ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِلْعَاقِلَةِ وَالْمَوْلَى وَلِأَنَّ الْمَوْلَى فِي كَوْنِهِ مُخَاطَبًا بِجِنَايَةِ الْعَبْدِ بِمَنْزِلَةِ الْعَاقِلَةِ وَلَا يَتَحَمَّلُ غَيْرُ الْعَاقِلَةِ عَوَاقِلَهُمْ فَكَذَلِكَ لَا يَتَحَمَّلُ جِنَايَةَ الْعَبْدِ عَاقِلَةُ مَوْلَاهُ بَلْ سَبَبُ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى الْمَوْلَى مِلْكُهُ رَقَبَتَهُ وَكَسْبَهُ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِذَلِكَ دُونَ عَوَاقِلِهِ وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَوْلَى مُوجِبُ جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ كَسْبَهُ بَلْ الْمُكَاتَبُ أَحَقُّ بِمَكَاسِبِهِ فَيَكُونُ مُوجِبُ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ دُونَ مَوْلَاهُ وَالْمُسْتَسْعَى فِي بَعْضِ قِيمَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>