للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْقِيمَةِ دُونَ الدِّيَةِ فَلِهَذَا يَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ مَعَ السِّعَايَةِ فِي جَمِيعِ الْقِيمَةِ لَهُمَا بِاعْتِبَارِ رَدِّ الْوَصِيَّةِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ بُدِئَ بِالدَّيْنِ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ لِلْمَوْلَى بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ بَدَلُ نَفْسِهِ أَوْ بَدَلُ مِلْكِهِ فَيُقْضَى دَيْنُهُ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْوَارِثِينَ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا كَانَ يُقْسَمُ عَلَيْهِ الْكُلُّ لَوْلَا الدَّيْنُ وَلَوْلَا الدَّيْنُ لَكَانَ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ قِيمَةٌ كَامِلَةٌ وَلِلْآخَرِ نِصْفُ الْقِيمَةِ فَكَذَلِكَ مَا بَقِيَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ أَثْلَاثًا وَلَوْ قَتَلَتْ أُمُّ الْوَلَدِ مَوْلَاهَا عَمْدًا وَلَا وَلَدَ لَهَا مِنْهُ فَعَلَيْهَا الْقِصَاصُ وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ عِتْقَهَا لَيْسَ بِوَصِيَّةٍ فَلَا يَمْنَعُ سَبَبَ الْقَتْلِ وَإِنْ كَانَ لَهَا مِنْهُ وَلَدٌ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ وَرِثَ جُزْءًا مِنْ الْقِصَاصِ عَلَى أَبِيهِ وَذَلِكَ مُسْقِطٌ لِلْقِصَاصِ عَلَيْهَا وَعَلَيْهَا أَنْ تَسْعَى فِي الْقِيمَةِ مِنْ قَبْلِ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ كَانَ وَجَبَ فَإِنَّهُ مَا لَمْ يَجِبْ لَا يَصِيرُ مِيرَاثًا لِوَلَدِهَا وَمَا لَمْ يَصِرْ مِيرَاثًا لِوَلَدِهَا لَا يَسْقُطُ فَإِنَّمَا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ بِاعْتِبَارِ الْوِلَادَةِ وَهِيَ حُرَّةٌ حِينَ سَقَطَ الْقِصَاصُ فَيَجِبُ أَنْ يَلْحَقَ الْمَالُ لِمَوْلَاهَا وَلِمَنْ يَخْلُفُ مَوْلَاهَا إلَّا أَنَّ وُجُوبَ الْمَالِ بِسَبَبِ جِنَايَتِهَا فِي حَالَةِ الرِّقِّ فَلِهَذَا يَلْزَمُهَا الْقِيمَةُ دُونَ الدِّيَةِ.

وَكَمَا أَنَّ نَصِيبَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ انْقَلَبَ مَالًا فَكَذَلِكَ نَصِيبُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ لَا بِمَعْنَى مِنْ جِهَتِهِ مَعَ بَقَاءِ الْمَحَلِّ قَالَ: وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ مَوْلَاهُ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي حُكْمِ الدَّمِ مُبْقًى عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَالْمَوْلَى مِنْ دَمِهِ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ فَيَسْتَحِقُّ دَمَهُ بِالْقِصَاصِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُسْتَحَقًّا لَهُ بِالْمَالِ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا عَنْهُ بَطَلَ الدَّمُ كُلُّهُ وَهُوَ عِنْدَهُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: عَلَى الَّذِي عَفَا أَنْ يَدْفَعَ نَصِيبَهُ إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ أَوْ يَفْدِيَهُ بِرُبْعِ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ صَارَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِالْإِرْثِ نِصْفَيْنِ وَبِعَفْوِ أَحَدِهِمَا يَنْقَلِبُ نَصِيبُ الْآخَرِ مَالًا عِنْدَ الْعَفْوِ وَعِنْدَ الْعَفْوِ نِصْفُهُ لِلْعَافِي وَنِصْفُهُ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ الَّذِي لَمْ يَعْفُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ بِالْجِنَايَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ نَصِيبَ نَفْسِهِ فَحِينَ انْقَلَبَ مَالًا كَانَ نِصْفُ ذَلِكَ فِي نَصِيبِهِ فَيُهْدَرُ وَنِصْفُهُ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ فَيَثْبُتُ وَيُخَاطَبُ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ كَمَا بَيَّنَّا فِي الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ إذَا انْقَلَبَ الْقِصَاصُ الَّذِي عَلَيْهِمَا مَالًا بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى وَهُمَا يَقُولَانِ: الْعَبْدُ بَعْدَ الْمَوْتِ مُبْقًى عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ وَلِهَذَا يُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ وَتَنْفُذُ وَصَايَاهُ وَلَوْ انْقَلَبَ نَصِيبُ الْآخَرِ مَالًا بَعْدَ عَفْوِ أَحَدِهِمَا كَانَ ذَلِكَ لِلْمَيِّتِ أَيْضًا حَتَّى يُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ فَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا إيجَابَ الْمَالِ لِلْمَيِّتِ بِالْجِنَايَةِ فِي مِلْكِهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ مَوْلَاهُ خَطَأً فَإِنَّ هُنَاكَ لَا يَجِبُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ لَوْ وَجَبَ إنَّمَا يَجِبُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ الْمِلْكُ لِلْوَارِثِ وَلَكِنْ قِيلَ: هُوَ كَالْبَاقِي عَلَى مِلْكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>