للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي أَمْوَالِهِمْ؛ لِأَنَّ الْعَطَاءَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَلَيْسَ فِي أَخْذِ ذَلِكَ مِنْ الْعَطَاءِ يُعْتَبَرُ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْعَطَاءَ مَحَلُّ الْأَدَاءِ فَيَكُونُ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ وَقْتُ الْأَدَاءِ لَا وَقْتَ الْقَضَاءِ وَالْأَخْذُ مِنْ الْعَطَاءِ بِمَعْنَى التَّيْسِيرِ عَلَيْهِمْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةٍ أَقْرَبُ مِنْ الْقَبَائِلِ إلَيْهِمْ عِنْدَ قِلَّتِهِمْ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ وَقْتُ الْأَدَاءِ لَا وَقْتَ قَضَاءِ الْقَاضِي وَلَكِنَّهُ - يَقْضِي عَلَيْهِمْ فِي أَعْطِيَاتِهِمْ بِمَا كَانَ قَضَى عَلَيْهِمْ بِالْبَادِيَةِ حَتَّى إنْ كَانَ قَضَى بِالْإِبِلِ لَمْ يَتَحَوَّلْ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الْقَضَاءِ بِشَيْءٍ آخَرَ إبْطَالُ الْقَضَاءِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَلَيْسَ فِي الْقَضَاءِ بِهِ فِي أَعْطِيَاتِهِمْ إبْطَالُ الْقَضَاءِ الْأَوَّلِ.

وَإِذَا قَتَلَ ابْنُ الْمُلَاعَنَةِ رَجُلًا خَطَأً فَعَقَلَتْ عَنْهُ عَاقِلَةُ الْأُمِّ، ثُمَّ ادَّعَاهُ الْأَبُ وَثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ رَجَعَتْ عَاقِلَةُ الْأُمِّ بِمَا أَدَّتْ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ قَضَى الْقَاضِي لِعَاقِلَةِ الْأُمِّ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ بِهَا؛ لِأَنَّ النَّسَبَ كَانَ ثَابِتًا مِنْهُ بِالْفِرَاشِ، وَقَدْ انْقَطَعَتْ النِّسْبَةُ عَنْهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَلَكِنْ بَقِيَ أَصْلُ النَّسَبِ مَوْقُوفًا عَلَى حَقِّهِ حَتَّى إذَا ادَّعَاهُ غَيْرُهُ لَمْ يَثْبُتْ مِنْهُ، وَإِذَا ادَّعَاهُ هُوَ ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُ مَعَ كَوْنِهِ مُنَاقِضًا، وَإِنْ كَذَبَتْهُ الْأُمُّ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ لَا مِنْ وَقْتِ الدَّعْوَى فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَقَلَ جِنَايَةً كَانَتْ عَلَى عَاقِلَةِ أَبِيهِ وَعَاقِلَةُ الْأُمِّ مَا كَانُوا مُتَبَرِّعِينَ فِيمَا أَدَّوْا بَلْ أُجْبِرُوا عَلَيْهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَيَثْبُتُ لَهُمْ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ وَيَصِيرُ حَالُهُمْ مَعَ عَاقِلَةِ الْأُمِّ كَحَالِ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ وَلِيَّ الْجِنَايَةِ لَوْ كَانَ هُوَ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالدِّيَةِ عَلَيْهِمْ كَانَ التَّأْجِيلُ فِيهِ مُعْتَبَرًا مِنْ وَقْتِ قَضَاءِ الْقَاضِي لَا مِنْ وَقْتِ الْجِنَايَةِ فَكَذَلِكَ إذَا قَضَى بِهِ لِعَاقِلَةِ الْأُمِّ عَلَيْهِمْ يُعْتَبَرُ التَّأْجِيلُ فِيهِ مِنْ وَقْتِ قَضَاءِ الْقَاضِي لَا مِنْ وَقْتِ دَعْوَى الْأَبِ، وَهَذَا لِأَنَّ التَّأْجِيلَ لِتَأَخُّرِ الْمُطَالَبَةِ وَذَلِكَ بَعْدَ تَقَرُّرِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا يَتَقَرَّرُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي.

وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَلَدٍ حُرٍّ وَوَفَاءٌ فَلَمْ يُؤَدِّ الْكِتَابَةَ حَتَّى جَنَى ابْنَهُ وَابْنُهُ مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ مَوْلَاةٍ لِبَنِي تَمِيمٍ وَالْمُكَاتَبُ لِرَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ فَعَقَلَ عَنْهُ جِنَايَتَهُ قَوْمُ أُمِّهِ، ثُمَّ أَدَّى الْكِتَابَةَ، فَإِنَّ عَاقِلَةَ الْأُمِّ يَرْجِعُونَ بِمَا أَدَّوْا عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ عِنْدَ أَدَاءِ الْبَدَلِ يَسْتَنِدُ إلَى حَالِ حَيَاتِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ لِلْوَلَدِ وَلَاءٌ مِنْ جَانِبِ الْأَبِ حِين جَنَى، وَإِنَّ مُوجِبَ جِنَايَتِهِ عَلَى مَوَالِي أَبِيهِ وَمَوَالِي أُمِّهِ مَا كَانُوا مُتَبَرِّعِينَ عَنْهُ فِي الْأَدَاءِ فَيَرْجِعُونَ بِالْمُؤَدَّى عَلَى مَوَالِي الْأَبِ.

وَكَذَلِكَ رَجُلٌ أَمَرَ صَبِيًّا أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا فَقَتَلَهُ فَضَمِنَتْ عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ الدِّيَةَ رَجَعَتْ بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْآمِرَ مُتَسَبِّبٌ مُتَعَدٍّ، فَإِنَّهُ اسْتَعْمَلَ الصَّبِيَّ فِي أَمْرٍ لَحِقَهُ فِيهِ تَبَعَةٌ فَيَثْبُتُ لِعَاقِلَتِهِ حَقُّ الرُّجُوعِ بِمَا أَدُّوا عَلَى الْآمِرِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْآمِرُ يُثْبِتُ الْأَمْرَ بِالْبَيِّنَةِ فَرُجُوعُهُمْ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ؛ لِأَنَّ التَّسَبُّبَ فِي الْجِنَايَةِ لَا يَكُونُ فَوْقَ الْمُبَاشَرَةِ، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>