للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ الصِّلَةُ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، فَإِذَا كَانُوا يُحْصَوْنَ صَارُوا مَجْهُولِينَ فَبَطَلَتْ وَجْهُ الْإِحْصَاءِ ذَكَرْنَاهُ فِي الشُّرْبِ وَالشُّفْعَةِ وَلَا خِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ إلَّا أَنَّهُ نَصَّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ إذَا أَوْصَى لِفُقَرَاءِ أَهْلِ بَيْتِهِ فَلِكُلِّ مَنْ يُنْسَبُ إلَى أَقْصَى جَدٍّ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ، وَكَذَا لِمُحْتَاجِي أَهْلِ بَيْتِهِ أَيْ إذَا أَوْصَى لِأَهْلِ بَيْتِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُوصِي مِنْ أَوْلَادِ الْعَبَّاسِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ نَسَبُهُ إلَى الْعَبَّاسِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ دَخَلَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ بِنَفْسِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى بَعْدَ أَنْ يَكُونَا مَنْسُوبَيْنِ إلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْآبَاءِ، وَمَنْ كَانَ نَسَبُهُ إلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ لَا يَدْخُلُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ آخَرِينَ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ لِجِنْسِ فُلَانٍ أَوْ لِمُحْتَاجِي جِنْسِهِ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ وَأَهْلَ الْبَيْتِ سَوَاءٌ وَسَوَاءٌ كَانُوا يُحْصَوْنَ أَوْ لَا يُحْصَوْنَ؛ لِأَنَّ هَذَا سَبِيلُ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهُ حَصَرَ الْفُقَرَاءَ وَالْمُحْتَاجِينَ وَجَهَالَةُ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ لَا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ، فَإِنَّ قَابِضَ الصَّدَقَةِ هُوَ اللَّهُ - تَعَالَى - وَهَذَا عِنْدَهُمْ إلَّا أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُعْتَبَرُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبَ وَلَا يُعْطِي غَيْرَ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ، وَعِنْدَهُمَا تُصْرَفُ إلَى الْكُلِّ.

وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِإِخْوَتِهِ وَلَهُ سِتَّةُ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ وَلَهُ وَلَدٌ يَحُوزُ مِيرَاثَهُ فَالثُّلُثُ بَيْنَ إخْوَتِهِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالِاسْمِ وَهُمْ فِي اسْتِحْقَاقِ الِاسْمِ سَوَاءٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لِأَقْرِبَاءِ فُلَانٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ هَذَا أَقْرَبُ مِنْ فُلَانٍ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ هَذَا أَكْثَرُ أُخُوَّةً مِنْ فُلَانٍ بَلْ كُلُّهُمْ فِي اسْتِحْقَاقِ الِاسْمِ سَوَاءٌ هَذَا إذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ يَحُوزُ مِيرَاثَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا وَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ وَلِلْأَخَوَيْنِ لِأَبٍ ثُلُثُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَرِثَانِ.

فَإِنْ قِيلَ وَجَبَ أَنْ يَصْرِفَ جَمِيعَ الثُّلُثِ إلَيْهِمَا إذَا لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ لَهُمْ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِحَيٍّ وَمَيِّتٍ قُلْنَا الْإِضَافَةُ كَانَتْ صَحِيحَةً إلَى الْأَخَوَيْنِ لِأَبٍ وَأُمَّيْنِ وَلِأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ جَازَتْ إلَّا أَنَّهُمْ خَرَجُوا بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الْوَصِيَّةِ فَلَا يَزْدَادُ حَقُّ الْأَخِ لِأَبٍ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِثَلَاثَةِ نَفَرٍ فَمَاتَ اثْنَانِ قَبْلَ مَوْتِهِ كَانَ لِلْبَاقِي ثُلُثُ الثُّلُثِ لِصِحَّةِ الْإِضَافَةِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ قَالَ الثُّلُثُ الَّذِي أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ، فَقَدْ أَوْصَيْت بِهِ لِوَارِثِهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ رُجُوعًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَأَحَدُهُمَا مَيِّتٌ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ بِمَحَلٍّ بِوَجْهٍ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ اللَّفْظِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ قَالَ الثُّلُثُ الَّذِي أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ، فَقَدْ أَوْصَيْت بِهِ لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ لَا يَكُونُ رُجُوعًا، وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِبَنِي فُلَانٍ، فَهَذَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ هُوَ قَبِيلَةً مِثْلَ تَمِيمٍ وَكُلَيْبٍ وَوَائِلٍ أَوْ لَا يَكُونَ قَبِيلَةً بَلْ أَبٌ خَاصٌّ، فَإِنْ كَانَ قَبِيلَةً خَاصَّةً دَخَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>