فِيهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ النِّسْبَةُ وَالْمَرْأَةُ تَقُولُ أَنَا مِنْ بَنِي فُلَانٍ كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقِيقَةَ لِهَذِهِ النِّسْبَةِ، وَإِنَّمَا يُنْسَبُ إلَيْهَا مَجَازًا فَيَتَنَاوَلُ جِنْسَ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهَا حَقِيقَةً كَانَ أَوْ مَجَازًا.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الْحَلِيفُ وَالْخَلِيلُ، وَإِذَا كَانُوا يُحْصَوْنَ، فَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَهِيَ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ فِي الْقَبِيلَةِ أَغْنِيَاءَ وَفُقَرَاءَ وَالْوَصِيَّةُ لِلْأَغْنِيَاءِ صِلَةٌ وَالصِّلَةُ لِلْمَجْهُولِ بَاطِلَةٌ. أَمَّا إذَا كَانَ فُلَانٌ أَبَ صُلْبٍ، فَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا دَخَلُوا فِي الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَنِينَ لِلذُّكُورِ حَقِيقَةً فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ مَا أَمْكَنَ، وَإِنْ كُنَّ إنَاثًا لَا يَدْخُلُ فِيهِ ذُكُورُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَتَنَاوَلُهُنَّ، وَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْوَصِيَّةُ لِلذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَدْخُلُ فِيهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَوَاهُ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمِينُ لِأَبِي يُوسُفَ وَأَبِي حَنِيفَةَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْبَنِينَ جَمْعٌ لِابْنٍ يَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ إنَاثًا لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْوَصِيَّةِ. وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ الْبَنِينَ إذَا ذُكِرُوا مُطْلَقًا يَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ عِنْدَ اشْتِرَاكِهِمْ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {يَا بَنِي آدَمَ} [الأعراف: ٢٧] وَلَمْ يَقْصُرْ اللَّفْظَ عَلَى الذَّكَرِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ النَّسَبَ إلَى الْجَدِّ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ إلَى الْأَبِ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يُنْسَبُ إلَى الْجَدِّ لِيُعْرَفَ دُونَ الْأَبِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى يُنْسَبُ إلَى جَدِّهِ، وَكَذَلِكَ أَبُو نَصْرِ بْنُ سَلَامَةَ يُنْسَبُ إلَى جَدِّهِ؛ لِأَنَّ سَلَامَةَ جَدُّهُ لَا أَبُوهُ، وَإِذَا كَانَ يُنْسَبُ إلَى الْجَدِّ صَارَ الْحُكْمُ أَنَّ الصُّلْبَ وَالْجَدَّ سَوَاءٌ.
وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِوَلَدِ فُلَانٍ وَلَهُ بَنُونَ وَبَنَاتٌ كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ سَوَاءً؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ اسْمٌ لِجِنْسِ الْمَوْلُودِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ حَامِلٌ دَخَلَ مَا فِي بَطْنِهَا فِي الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ تَحْتَ تَسْمِيَةِ الْوَلَدِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ يَرِثُ فَيَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ أَيْضًا، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَنَاتٌ وَبَنُو ابْنٍ فَالْوَصِيَّةُ لِبَنَاتِهِ دُونَ بَنِي ابْنِهِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ يَتَنَاوَلُ ابْنَهُ حَقِيقَةً وَيَتَنَاوَلُ أَوْلَادَ الِابْنِ مَجَازًا فَمَهْمَا أَمْكَنَ صَرْفُهُ إلَى حَقِيقَتِهِ لَا يُصْرَفُ إلَى مَجَازِهِ وَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ وَلَيْسُوا مِنْ أَوْلَادِهِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لِلْآبَاءِ وَلَوْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ وَاحِدٌ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى فَجَمِيعُ الْوَصِيَّةِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلِاسْمِ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَلَا يُصْرَفُ إلَى مَجَازِهِ وَالْوَلَدُ اسْمُ جِنْسٍ يَتَنَاوَلُ الْوَاحِدَ فَصَاعِدًا.
وَإِذَا أَوْصَى لِفَخِذِ فُلَانٍ أَوْ لِبَطْنِ فُلَانٍ فَالْجَوَابُ فِيهِ مِثْلُ الْجَوَابِ فِي قَوْلِهِ لِقَبِيلَةِ فُلَانٍ يَدْخُلُ فِيهِ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ، وَهَذَا إذَا كَانُوا يُحْصَوْنَ، فَأَمَّا إذَا كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ لِلْمَجْهُولِ إلَّا إذَا قَالَ لِفُقَرَائِهِمْ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - فَإِنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ يَدْفَعُ إلَى جَمِيعِهِمْ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التَّسْمِيَةِ لَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute