وَلَدٌ بَطَلَ عَنْهَا الْقِصَاصُ لِصَيْرُورَةِ جُزْءٍ مِنْهُ لِوَلَدِهَا وَعَلَيْهَا أَنْ تَسْعَى فِي قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ إنَّمَا انْقَلَبَ مَالًا بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى حِينَ وَرِثَ وَلَدُهَا جُزْءًا مِنْهُ.
وَإِذَا أَوْصَى لِقَاتِلِهِ بِالثُّلُثِ وَأَجَازَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ جَازَ، وَإِنْ أَجَازَتْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِوَصِيَّةٍ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَاتِلٌ وَصَدَّقَهُمْ بِذَلِكَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَكَذَّبَهُمْ بَعْضُهُمْ، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ حِصَّةِ الَّذِينَ كَذَّبُوا مِنْ الدِّيَةِ وَتَجُوزُ وَصِيَّتُهُ فِي حِصَّتِهِمْ مِنْ الثُّلُثِ وَيَلْزَمُهُ حِصَّةُ الَّذِينَ صَدَّقُوا مِنْ الدَّيْنِ وَتَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ فِي حِصَّتِهِمْ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ فِي حَقِّ كُلِّ فَرِيقٍ يُجْعَلُ كَأَنَّ الْفَرِيقَ الْآخَرَ فِي مِثْلِ حَالِهِ إذْ لَا وِلَايَةَ لِبَعْضِهِمْ عَلَى الْبَعْضِ، وَإِذَا قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْقَتْلِ وَأَبْرَأهُ الْمَيِّتُ فَإِبْرَاؤُهُ عَفْوٌ مِنْهُ فَيَصِحُّ مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ ثَبَتَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ، فَإِنَّ فِي حَقِّ الَّذِينَ كَذَّبُوهُمْ حَتَّى لَوْ كَذَّبَ الْوَرَثَةُ الشُّهُودَ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ بَعْدُ.
وَإِذَا جُرِحَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ جِرَاحَةً عَمْدًا أَوْ خَطَأً، فَقَالَ الْمَجْرُوحُ لَمْ يَجْرَحْنِي فُلَانٌ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَا سَبِيلَ لِلْوَرَثَةِ عَلَى الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّهُمْ يَخْلُفُونَهُ وَبَعْدَمَا قَالَ لَمْ يَجْرَحْنِي لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ فَكَذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ، وَإِنْ أَقَامَ وَرَثَتُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْقَتْلِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُمْ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْبَيِّنَةِ يَنْبَنِي عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى مِنْهُمْ وَبَعْدَ قَوْلِ الْمَجْرُوحِ لَمْ يَجْرَحْنِي فُلَانٌ لَا يَصِحُّ كَمَا لَا يَصِحُّ الدَّعْوَى مِنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَا جِرَاحَةَ لِي قِبَلَ فُلَانٍ، ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ الْقَتْلَ وَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ جَازَتْ؛ لِأَنَّهُ نَفَى مُوجَبَ الْجَرْحِ وَدَعْوَاهُ مُوجَبَ النَّفْسِ لَا تُنَافِي مَا أَبْقَاهُ مِنْ مُوجَبِ الْجَرْحِ، وَفِي الْأَوَّلِ نَفْيُ أَصْلِ الْجَرْحِ، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ نَفْيُ الْقَتْلِ إذْ الْقَتْلُ بِدُونِ الْجَرْحِ لَا تَصَوُّرَ لَهُ إمَّا ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا.
وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِرَجُلَيْنِ بِوَصِيَّةٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ وَرَثَتِهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَحَدِ الْمُوصَى لَهُمَا أَنَّهُ قَتَلَ صَاحِبَهُمَا خَطَأً كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةُ آلَافٍ لِلَّذِي أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ فِي حِصَّةِ الَّذِي أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِالْقَتْلِ وَتَجُوزُ لَهُ الْوَصِيَّةُ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ بِالْحِسَابِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُثْبِتُ الْحَقَّ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ وَلِصَاحِبِهِ وَصَاحِبُهُ مُكَذِّبٌ لِشُهُودِهِ فَيَخْرُجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أَنْ يَكُونَ قَاتِلًا فِي حَقِّ مَنْ كَذَّبَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ وَيَبْقَى قَاتِلًا فِي حَقِّ الْآخَرِ فِي حُكْمِ الدِّيَةِ وَالْوَصِيَّةِ جَمِيعًا.
وَإِذْ أَوْصَى الرَّجُلُ لِرَجُلَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالثُّلُثِ وَأَوْصَى لِآخَرَ بِعَبْدٍ فَشَهِدَ الْمُوصَى لَهُمَا بِالثُّلُثِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ أَنَّهُ قَاتِلٌ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُمَا يُجَزِّآنِ الثُّلُثَ إلَى أَنْفُسِهِمَا وَيُسْقِطَانِ مُزَاحَمَةَ الْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ مَعَهُمَا فِي الثُّلُثِ وَيَلْزَمُهُ الدِّيَةُ أَيْضًا وَلَهُمَا مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ فَكَانَا شَاهِدَيْنِ؛ لِأَنْفُسِهِمَا وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ شَرِيكُ الْوَارِثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute