وَالْكَفَّارَةُ إذَا كَانَ خَطَأً كَمَا لَوْ تَفَرَّدَ بِهِ، وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُحْرَمُ عَنْ الْمِيرَاثِ فَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ إلَّا أَنَّ الْعِتْقَ بَعْدَمَا تَعَذَّرَ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ فَيَكُونُ الرَّدُّ بِإِيجَابِ السِّعَايَةِ عَلَيْهِ فِي قِيمَتِهِ، وَالْعَفْوُ عَلَى الْقَاتِلِ فِي دَمِ الْعَمْدِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقِصَاصُ وَالْقِصَاصُ لَيْسَ بِمَالٍ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ مُتْلِفَهُ بِالشَّهَادَةِ بَاطِلَةٌ وَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْعَفْوِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ بِحَالٍ فَيَكُونُ صَحِيحًا لِلْقَاتِلِ وَجَعَلَ الْعَفْوَ فِي الِانْتِهَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْإِذْنِ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ أَقْوَى مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ خَطَأً فَعَفَا عَنْهُ كَانَ هَذَا مِنْهُ وَصِيَّةً لِعَاقِلَتِهِ فَيَجُوزُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَهُوَ مَالٌ قُلْنَا أَصْلُ الْوُجُوبِ عَلَى الْقَاتِلِ وَالْعَاقِلَةُ يَتَحَمَّلُونَ عَنْهُ فَتَكُونُ هَذِهِ وَصِيَّةً لِلْقَاتِلِ قُلْنَا بِاعْتِبَارِ الْمَالِ الْوَصِيَّةُ تَكُونُ لِلْعَاقِلَةِ وَهُمْ الْمُنْتَفِعُونَ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ قِيلَ جُزْءٌ مِنْ الدِّيَةِ عَلَى الْقَاتِلِ فَفِي ذَلِكَ الْجُزْءِ الْوَصِيَّةُ مِنْهُ تَكُونُ لِلْقَاتِلِ قُلْنَا نَعَمْ وَلَكِنْ تَتَعَذَّرُ الْوَصِيَّةُ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ بَدَلِ النَّفْسِ يَتَقَرَّرُ وُجُوبُهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَفِي ذَلِكَ الْجُزْءِ الْوَصِيَّةُ تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ كَمَا لَوْ اشْتَرَكَ أَلْفُ نَفْسٍ فِي قَتْلِ رَجُلٍ فَالْجُزْءُ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَعَ قِلَّتِهِ يَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْقَاتِلُ عَبْدًا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعَفْوِ تَقَعُ لِمَوْلَاهُ، فَإِنَّ مُوجَبَ جِنَايَةِ الْعَبْدِ عَلَى الْمَوْلَى، وَهُوَ الَّذِي يُخَاطَبُ بِدَفْعِهِ أَوْ فِدَائِهِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ بِمَدِّ عِتْقِ الْعَبْدِ لَا يُطَالَبُ بِشَيْءٍ، وَإِذَا أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ رَقَبَتَهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ فَيَكُونُ مُوصِيًا لَهُ بِجُزْءٍ مِنْهَا، فَإِنْ قَتَلَهُ الْعَبْدُ فَوَصِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ غَيْرَ أَنَّهُ يُعْتَقُ وَيَسْعَى فِي قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ رَدُّ الْعِتْقِ فَيَكُونُ الرَّدُّ بِإِيجَابِ السِّعَايَةِ، وَعَلَى هَذَا الْمُدَبَّرُ إذَا قَتَلَ مَوْلَاهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ لِرَدِّ الْوَصِيَّةِ وَعَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ، فَإِنْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا عَنْهُ انْقَلَبَ نَصِيبُ الْآخَرِ مَالًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا صَارَتْ مَالًا بَعْدَمَا عَتَقَ وَصَارَ أَحَقَّ بِمَكَاسِبِهِ إلَّا أَنَّ الْوَاجِبَ بِسَبَبِ جِنَايَةٍ كَانَتْ مِنْهُ فِي حَالِ رِقِّهِ فَيَكُونُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ مِنْ الْقِيمَةِ دُونَ الدِّيَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَ مَوْلَاهُ خَطَأً؛ لِأَنَّهُ حِينَ وَجَبَ الْمَالُ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ كَانَ الْمَوْلَى أَحَقَّ بِكَسْبِهِ وَمُوجَبُ جِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ يَكُونُ عَلَى الْمَوْلَى فَلَا يَجِبُ بِجِنَايَتِهِ عَلَى مَوْلَاهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ وَجَبَ عَلَى نَفْسِهِ.
وَأُمُّ الْوَلَدِ إذَا قَتَلَتْ سَيِّدَهَا خَطَأً فَلَيْسَ عَلَيْهَا سِعَايَةٌ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّ عِتْقَهَا لَيْسَ بِوَصِيَّةٍ وَمُوجَبُ جِنَايَتِهَا عَلَى غَيْرِ الْمَوْلَى يَكُونُ عَلَى الْمَوْلَى فَلَا يَلْزَمُهَا بِالْجِنَايَةِ عَلَى مَوْلَاهَا خَطَأً شَيْءٌ، وَإِنْ قَتَلَتْهُ عَمْدًا وَلَيْسَ لَهَا مِنْهُ وَلَدٌ كَانَ عَلَيْهَا الْقِصَاصُ، فَإِنْ عَفَا أَحَدُ الْوَارِثَيْنِ سَعَتْ لِلْآخَرِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْآخَرِ إنَّمَا انْقَلَبَ مَالًا بَعْدَمَا عَتَقَتْ وَصَارَتْ أَحَقَّ بِكَسْبِهَا، وَإِنْ كَانَ لَهَا مِنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute