ثُمَّ هُوَ مُسَلَّطٌ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ بِالْمَعْرُوفِ وَبِالْقَلِيلِ مِنْ الزِّيَادَةِ لَا يَخْرُجُ إنْفَاقُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِالْمَعْرُوفِ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَالْمُسَلَّطُ عَلَى الشَّيْءِ إذَا أُخْبِرَ فِيمَا سُلِّطَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ فِيهِ يَجِبُ قَبُولُ قَوْلِهِ كَالْمُودِعِ يَدَّعِي رَدَّ الْوَدِيعَةِ.
وَإِنْ اتَّهَمُوهُ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ لِدَفْعِ التُّهْمَةِ، وَإِذَا كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ وَكَبِيرٌ فَقَاسَمَ الْوَصِيُّ الْكَبِيرَ، وَأَعْطَاهُ حِصَّتَهُ وَأَمْسَكَ حِصَّةَ الصَّغِيرِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الصَّغِيرِ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ وَالْمُقَاسَمَةُ مَعَ الْكَبِيرِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ تَمَيَّزَ بِهِ مِلْكُهُ عَنْ مِلْكِ غَيْرِهِ فَيَكُونُ فِعْلُهُ كَفِعْلِ الصَّغِيرِ بَعْدَ بُلُوغِهِ.
وَإِذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا، فَقَالَ الْوَصِيُّ: أَنْفَقْت عَلَى هَذَا كَذَا، وَعَلَى هَذَا كَذَا، وَكَانَتْ نَفَقَةُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِيمَا يُعْرَفُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَاجَةِ، وَرُبَّمَا تَكُونُ حَاجَةُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ لَأَنْ كَانَ أَكْبَرَ سِنًّا، أَوْ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْأَكْلِ فَبِاخْتِيَارِهِ مَعَ التَّفَاوُتِ لَا يَزُولُ احْتِمَالُ الصِّدْقِ فِي كَلَامِهِ وَلَا يَخْرُجُ الظَّاهِرُ مِنْ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا لَهُ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، وَإِذَا قَالَ الْوَصِيُّ لِلْوَارِثَيْنِ وَهُمَا كَبِيرَانِ: قَدْ أَعْطَيْتُكُمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَهُوَ الْمِيرَاثُ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: صَدَقْت وَقَالَ الْآخَرُ: كَذَبْت فَإِنَّ الَّذِي صَدَّقَهُ ضَامِنٌ لِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا يُؤَدِّيهَا إلَى شَرِيكِهِ بَعْدَ مَا يَحْلِفُ شَرِيكُهُ مَا قَبَضَ الْخَمْسَمِائَةِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ أَخْبَرَ بِأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَقَدْ أَقَرَّ الَّذِي صَدَّقَهُ بِقَبْضِ خَمْسِمِائَةٍ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ قَبَضَ وَقَوْلُ الْوَصِيِّ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَيْهِ فِي وُصُولِ الْخَمْسِمِائَةِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَقْبُولًا فِي بَرَاءَتِهِ عَنْ الضَّمَانِ وَإِنَّمَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ الْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي أَقَرَّ الْمُصَدِّقُ بِقَبْضِهَا فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ نِصْفَهَا إلَى شَرِيكِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ شَرِيكُهُ مَا قَبَضَ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمُصَدِّقَ يَدَّعِي الِاخْتِصَاصَ بِهَذِهِ الْخَمْسِمِائَةِ وَالْوَصِيُّ يَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ وَلَا يَثْبُتُ الِاخْتِصَاصُ بِقَوْلِهِمَا وَمَا زَادَ عَلَى هَذِهِ الْخَمْسِمِائَةِ مِنْ التَّرِكَةِ كَالْبَادِي.
وَإِذَا قَسَّمَ الْوَصِيُّ التَّرِكَةَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ، وَهُمْ صِغَارٌ وَعَزَلَ لِكُلِّ إنْسَانٍ نَصِيبَهُ أَوْ كَانُوا صِغَارًا وَكِبَارًا وَذَلِكَ مِنْهُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْكِبَارِ لَمْ يَجُزْ وَمَا هَلَكَ يَهْلَكُ مِنْهُمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لِتَمْيِيزِ الْأَنْصِبَاءِ وَالْوَاحِدُ لَا يَنْفَرِدُ بِذَلِكَ، ثُمَّ الْوَصِيُّ لَا يَنْفَرِدُ بِالتَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْيَتَامَى مَعَ نَفْسِهِ إلَّا لِمَنْفَعَةٍ ظَاهِرَةٍ تَكُونُ لَهُمْ وَبِالْقِسْمَةِ لَا يَحْصُلُ ذَلِكَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَكَانَتْ قِسْمَتُهُ بَاطِلَةً وَمَا هَلَكَ يَهْلَكُ عَلَى الشَّرِكَةِ وَمَا بَقِيَ يَبْقَى عَلَى الشَّرِكَةِ، وَإِذَا قَضَى الْوَصِيُّ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ بِشُهُودٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَضَى ذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي فِي حَوَائِجِهِ وَتَفْرِيغِ الذِّمَّةِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ حَوَائِجِهِ وَقَدْ كَانَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَأْخُذَ دَيْنَهُ إذَا ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ مِنْ التَّرِكَةِ فَلِلْمُوصِي أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute