أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَمْسَةِ الْبَنِينَ ثَمَانِيَةً، وَتَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ سَهْمًا بِثَمَانِيَةٍ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ، وَمِثْلُ الشَّيْءِ غَيْرُهُ، ثُمَّ يَضْرِبُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي ثَلَاثَةٍ لِأَجْلِ وَصِيَّتِهِ لَهُ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، ثُمَّ تَطْرَحُ السَّهْمَ الَّذِي زِدْتَهُ بَقِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ فَهُوَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ضِعْفُ ذَلِكَ فَيَكُونُ جَمِيعُ الْمَالِ أَحَدًا وَخَمْسِينَ، إنَّمَا طَرَحْنَا هَذَا السَّهْمَ الزَّائِدَ لِتَبْيِينِ مِقْدَارِ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ، وَلَا وَصِيَّةَ فِي الثُّلُثَيْنِ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ السَّهْمِ الزَّائِدِ فِيهِ؛ فَلِهَذَا طَرَحْنَاهُ فَإِذَا عَرَفْتَ أَنَّ ثُلُثَ الْمَالِ سَبْعَةَ عَشَرَ فَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ النَّصِيبِ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَأْخُذَ النَّصِيبَ، وَهُوَ وَاحِدٌ وَتَضْرِبُهُ فِي ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ تِسْعَةً، ثُمَّ تَطْرَحُ مِنْ ذَلِكَ سَهْمًا كَمَا طَرَحْت فِي الِابْتِدَاءِ يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ، فَهُوَ النَّصِيبُ فَإِذَا رَفَعْت ذَلِكَ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ يَبْقَى تِسْعَةٌ فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ مَا يَبْقَى، وَثُلُثُ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ يَبْقَى سِتَّةٌ نُضِيفُهَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ فَيَكُونُ أَرْبَعِينَ بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ لِكُلِّ ابْنٍ ثَمَانِيَةٌ مِثْلُ النَّصِيبِ فَاسْتَقَامَ، وَالْعَامَّةُ يُسَمُّونَ هَذَا طَرِيقَ الْحَشْوِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَشَا بِهِ كُتُبَهُ وَالْحُسَّابُ يُسَمُّونَهُ طَرِيقَ الْيُتْمِ، وَالْيُتْمُ هُوَ الْأَصْلُ وَلَكِنَّ كُلَّ مَا يَعْتَمِدُونَهُ فِي كُتُبِ الْحِسَابِ لِكَثْرَةِ مَا يَقَعُ فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ، وَيَحْتَاجُ إلَى تَغْيِيرِ بَعْضِ الشَّرْطِ فِي كُلِّ نَوْعٍ فَزَعَمُوا أَنَّ الطَّرِيقَ الَّذِي أُحْكِمَ فِيهِ شَرْطٌ وَاحِدٌ يُخَرَّجُ عَلَيْهِ أَنْوَاعُ الْمَسَائِلِ أَوْلَى بِالتَّأَمُّلِ، وَأَرَادُوا بِذَلِكَ الطَّرِيقِ الْجَبْرَ.
فَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا فَاخْتَارُوا هَذَا الطَّرِيقَ؛ لِأَنَّهُ أَلِيقُ بِكَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَطَرِيقُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ يَعْتَمِدُهُ أَهْلُ الْحِسَابِ، وَهُوَ فِي الْمَعْنَى مِثْلُ طَرِيقِ الْجَبْرِ وَلَكِنَّهُ أَقْرَبُ إلَى فَهْمِ مَنْ يَكُونُ مُبْتَدِئًا فِي عِلْمِ الْحِسَابِ، وَبَيَانُ تَخْرِيجِ الْمَسْأَلَةِ عَلَيْهِ: أَنْ يَجْعَلَ ثُلُثَ الْمَالِ دِينَارًا أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ لِحَاجَتِك إلَى الْحِسَابِ إذَا رَفَعْتَ مِنْهُ النَّصِيبَ يَكُونُ لِمَا بَقِيَ ثُلُثٌ صَحِيحٌ فَيُعْطِي بِالْوَصِيَّةِ بِالنَّصِيبِ دِينَارًا وَبِالْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى دِرْهَمًا يُبْقِي مِنْ الثَّلَاثَةِ دِرْهَمًا يَضُمُّ ذَلِكَ إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ، وَهُوَ دِينَارٌ أَوْ سِتَّةُ دَرَاهِمَ فَحَصَلَ فِي يَدِك دِينَارَانِ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَحَاجَتُك إلَى خَمْسَةِ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّك جَعَلْتَ النَّصِيبَ دِينَارًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ ابْنٍ دِينَارٌ فَتَجْعَلُ الدَّنَانِيرَ مِثْلَهَا قِصَاصًا يَبْقَى فِي يَدِك ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ تَعْدِلُ بِعَدْلِ ثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ فَاقْلِبْ الْفِضَّةَ فَاجْعَلْ آخِرَ الدَّرَاهِمِ آخِرَ الدَّنَانِيرِ، وَآخِرَ الدَّنَانِيرِ آخِرَ الدَّرَاهِمِ، فَصَارَ كُلُّ دِينَارٍ بِمَعْنَى ثَمَانِيَةٍ، وَكُلُّ دِرْهَمٍ بِمَعْنَى ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ عُدْ إلَى الْأَصْلِ، وَقُلْ قَدْ جَعَلْتُ الثُّلُثَ دِينَارًا وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَجُمْلَتُهُ سَبْعَةَ عَشَرَ أَعْطَيْنَا بِالنَّصِيبِ دِينَارًا، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ فَثُلُثٌ يَبْقَى دِرْهَمٌ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ، وَحَصَلَ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ دِينَارَانِ كُلُّ دِينَارٍ ثَمَانِيَةٌ فَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ كُلُّ دِرْهَمٍ بِثَلَاثَةٍ فَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ إذَا جَمَعْتَ بَيْنَهُمَا يَكُونُ الْكُلُّ أَرْبَعِينَ بَيْنَ خَمْسَةِ بَنِينَ لِكُلِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute