للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ): وَإِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ فِي يَوْمِ رَمَضَانَ فَأَفْطَرَ فِيهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا بَلَغَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ، وَإِنْ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ هَذَا الْيَوْمِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ النِّيَّةَ يَمْتَدُّ إلَى وَقْتِ الزَّوَالِ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ فَصَارَ بُلُوغُهُ قَبْلَ الزَّوَالِ كَبُلُوغِهِ لَيْلًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ الصَّوْمَ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْخِطَابَ بِالصَّوْمِ مَا كَانَ مُتَوَجِّهًا عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَصَوْمُ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ لَا يَتَجَزَّأُ وُجُوبًا وَإِمْسَاكُهُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ مَا تَوَقَّفَ عَلَى صَوْمِ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لَهُ فَهُوَ نَظِيرُ الْكَافِرِ يُسْلِمُ، وَلَوْ بَلَغَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ فِي يَوْمٍ فَنَوَى الصَّوْمَ تَطَوُّعًا أَجْزَأَهُ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي الْكَافِرِ يُسْلِمُ اشْتِبَاهٌ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي صَبِيٍّ بَلَغَ وَكَافِرٍ يُسْلِمُ قَالَ: هُمَا سَوَاءٌ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَوْمَ التَّطَوُّعِ صَحِيحٌ، وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ فَقَالُوا: لَا يَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ نِيَّةُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ قَبْلَ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّهُ مَا كَانَ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ فَلَا يَتَوَقَّفُ إمْسَاكُهُ عَلَى أَنْ يَصِيرَ عِبَادَةً بِالنِّيَّةِ قَبْلَ الزَّوَالِ

(قَالَ): وَإِذَا ذَاقَ الصَّائِمُ بِلِسَانِهِ شَيْئًا، وَلَمْ يَدْخُلْ حَلْقَهُ لَمْ يُفْطِرْ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ بِوُصُولِ شَيْءٍ إلَى جَوْفِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ وَالْفَمُ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّائِمَ يَتَمَضْمَضُ فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُعَرِّضَ نَفْسَهُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَدْخُلَ حَلْقَهُ بَعْدَ مَا أَدْخَلَهُ فَمَه فَيَحُومَ حَوْلَ الْحِمَى قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَمَنْ رَتَعَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ»

(قَالَ): وَإِنْ دَخَلَ ذُبَابٌ جَوْفَهُ لَمْ يُفْطِرْهُ وَلَمْ يَضُرَّهُ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَكَانَ يَنْبَغِي فِي الْقِيَاسِ أَنْ يَفْسُدَ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ مُغَذٍّ وَأَنَّهُ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ فَكَانَ نَظِيرُ التُّرَابِ يُهَالُ فِي حَلْقِهِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضُرُّهُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ فَإِنَّ الصَّائِمَ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ أَنْ يُفْتَحَ فَمَهُ فَيَتَحَدَّثَ مَعَ النَّاسِ وَمَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ؛ وَلِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَتَغَذَّى بِهِ فَلَا يَنْعَدِمُ بِهِ مَعْنَى الْإِمْسَاكِ، وَهُوَ نَظِيرُ الدُّخَانِ وَالْغُبَارِ يَدْخُلُ حَلْقَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ يَدْخُلُ فِي هَذَا الِاسْتِحْسَانِ بِصِفَةِ الْقِيَاسِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الذُّبَابُ فِي حَلْقِهِ ثُمَّ طَارَ لَمْ يَضُرَّهُ، وَلَوْ كَانَ هَذَا مُفْسِدًا لِلصَّوْمِ لَكَانَ بِوُصُولِهِ إلَى بَاطِنِهِ يُفْسِدُ صَوْمَهُ، وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ نَزَلَ فِي حَلْقِهِ ثَلْجٌ أَوْ مَطَرٌ فَقَدْ اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُفْطِرُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ بِأَنْ يَكُونَ تَحْتَ السَّقْفِ؛ وَلِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُتَغَذَّى بِهِ

(قَالَ): وَإِنْ كَانَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ شَيْءٌ فَدَخَلَ جَوْفَهُ لَمْ يُفْطِرْ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ فَإِنْ تَسَحَّرَ بِالسَّوِيقِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَبْقَى بَيْنَ أَسْنَانِهِ شَيْءٌ فَإِذَا أَصْبَحَ يَدْخُلُ فِي حَلْقِهِ مَعَ رِيقِهِ ثُمَّ مَا يَبْقَى بَيْنَ الْأَسْنَانِ تَبَعٌ لِرِيقِهِ فَكَمَا أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>