مَشْرُوعَةٌ خَلَفًا عَنْ الصَّوْمِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْخَلَفِ وَالْأَصْلِ لَا يَكُونُ، وَهُوَ خَلَفٌ غَيْرُ مَعْقُولٍ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ فِي حَقِّ مَنْ لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ فَلَا يَجُوزُ فِي حَقِّ مَنْ يُطِيقُ الصَّوْمَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجِبَ بِاعْتِبَارِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَا صَوْمَ عَلَى الْوَلَدِ فَكَيْفَ يَجِبُ مَا هُوَ خَلَفٌ عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي مَالِ الْوَلَدِ، وَلَوْ كَانَ بِاعْتِبَارِهِ لَوَجَبَ فِي مَالِهِ كَنَفَقَتِهِ وَلَتَضَاعَفَ بِتَعَدُّدِ الْوَلَدِ، وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَاَلَّذِي لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ وَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ. وَقَالَ مَالِكٌ لَا فَدِيَةَ عَلَيْهِ قَالَ: لِأَنَّ أَصْلَ الصَّوْمِ لَمْ يَلْزَمْهُ لِكَوْنِهِ عَاجِزًا عَنْهُ فَكَيْفَ يَلْزَمُهُ خَلَفُهُ؛ لِأَنَّ الْخَلَفَ مَشْرُوعٌ لِيَقُومَ مَقَامَ الْأَصْلِ وَلَنَا أَنَّ الصَّوْمَ قَدْ لَزِمَهُ لِشُهُودِ الشَّهْرِ حَتَّى لَوْ تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ وَصَامَ كَانَ مُؤَدِّيًا لِلْفَرْضِ، وَإِنَّمَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ لِأَجْلِ الْحَرَجِ، وَعُذْرُهُ لَيْسَ بِعَرَضِ الزَّوَالِ حَتَّى يُصَارَ إلَى الْقَضَاءِ فَوَجَبَتْ الْفِدْيَةُ كَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ الصَّوْمُ يُوَضِّحُهُ أَنَّ الصَّوْمَ لَزِمَهُ لَا بِاعْتِبَارِ عَيْنِهِ بَلْ بِاعْتِبَارِ خَلَفِهِ كَالْكَفَّارَةِ تَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ لَا بِاعْتِبَارِ الْمَالِ بَلْ بِاعْتِبَارِ خَلَفِهِ، وَهُوَ الصَّوْمُ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٤] جَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فَلَا يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ وَقِيلَ حَرْفُ " لَا " مُضْمَرٌ فِيهِ مَعْنَاهُ وَعَلَى الَّذِينَ لَا يُطِيقُونَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: ١٧٦] أَيْ لِئَلَّا تَضِلُّوا وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ أَيْ لِئَلَّا تَمِيدَ بِكُمْ.
(قَالَ): وَإِذَا أَكَلَ الصَّائِمُ الطِّينَ، أَوْ الْجَصَّ، أَوْ الْحَصَاةَ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا وَمُرَادُهُ طِينُ الْأَرْضِ فَأَمَّا إذَا أَكَلَ الطِّينَ الْأَرْمَنِيَّ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ رَوَاهُ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُتَدَاوَى بِهِ فَإِنَّهُ وَالْغَارِيقُونَ سَوَاءٌ.
(قَالَ) ابْنُ رُسْتُمَ: قُلْت لِمُحَمَّدٍ فَإِنْ أَكَلَ مِنْ هَذَا الطِّينِ الَّذِي يُقْلَى وَيُؤْكَلُ، قَالَ: لَا أَدْرِي مَا هَذَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ تَفَكُّهًا وَيُؤْكَلُ عَلَى سَبِيلِ التَّدَاوِي فَقَدْ يَنْفَعُ الْمَرْطُوبَ.
(قَالَ): وَيُكْرَهُ لِلصَّائِمِ مَضْغُ الْعِلْكِ وَلَا يُفْطِرُهُ؛ لِأَنَّ مَضْغَ الْعِلْكِ، يَدْبُغُ الْمَعِدَةَ وَيُشَهِّي الطَّعَامَ وَلَمْ يَأْنِ لَهُ فَهُوَ اشْتِغَالٌ بِمَا لَا يُفِيدُ، وَالنَّاظِرُ إلَيْهِ مِنْ بُعْدٍ يَظُنُّ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا فَيَتَّهِمُهُ وَلَا يَأْمَنُ أَنْ يَدْخُلَ شَيْئًا مِنْهُ حَلْقَهُ فَيَكُونُ مُعَرِّضًا صَوْمَهُ لِلْفَسَادِ، وَلَكِنْ لَا يُفْطِرُهُ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْعِلْكِ لَا تَصِلُ إلَى حَلْقِهِ إنَّمَا يَصِلُ إلَيْهِ طَعْمُهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْعِلْكُ مُصْلَحًا مُلْتَئِمًا فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُلْتَئِمًا فَمَضَغَهُ حَتَّى صَارَ مُلْتَئِمًا يَفْسُدُ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ تَتَفَتَّتْ أَجْزَاؤُهُ فَيُدْخِلُ حَلْقَهُ مَعَ رِيقِهِ
(قَالَ): وَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَمْضُغَ الْمَرْأَةُ لِصَبِيِّهَا طَعَامًا إذَا لَمْ تَجِدْ مِنْهُ بُدًّا؛ لِأَنَّ الْحَالَ حَالُ الضَّرُورَةِ، وَيَجُوزُ لَهَا الْفِطْرُ لِحَاجَةِ الْوَلَدِ فَلَأَنْ يَجُوزَ مَضْغُ الطَّعَامِ كَانَ أَوْلَى فَأَمَّا إذَا كَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute