عَلَى الثُّلُثِ وَالْمُتَعَيَّنُ مِنْ الدَّيْنِ يَكُونُ مِثْلَ نَصِيبِ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَلَوْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي ثُلُثِ الْعَيْنِ كَانَ السَّالِمُ لِلِابْنِ ثَلَاثَةً وَثُلُثًا، وَيَتَعَيَّنُ مِنْ الدَّيْنِ مِثْلُ ذَلِكَ فَيَحْصُلُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فِي نِصْفِ الْمَالِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَلِهَذَا يُسَلَّمُ لَهُ نِصْفُ الْعَيْنِ.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِنِصْفِ مَالِهِ، وَأَجَازَ الِابْنَانِ الْوَصِيَّةَ لَهُ، وَلَمْ يُجِزْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَجَازَ صَاحِبُهُ فَإِجَازَةُ الِابْنِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَاطِلَةٌ فِي الْمَالِ. أَمَّا قَوْلُهُ: وَلَمْ يُجِزْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَجَازَ صَاحِبُهُ فَإِنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّ إجَازَةَ الِابْنِ الْمَدْيُونِ بَاطِلَةٌ فَلِأَنَّ الْمَدْيُونَ لَا يُسَلَّمُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْعَيْنِ. وَأَمَّا مِنْ الْإِجَازَةِ فِي سَلَامَةِ شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ مِنْهَا لِلْمُوصَى لَهُ فَإِنَّمَا تَعْمَلُ إجَازَةُ مَنْ يَكُونُ مُتَمَكِّنًا مِنْ اسْتِيفَاءِ شَيْءٍ مِنْ الْعَيْنِ دُونَ مَنْ لَا يَكُونُ مُتَمَكِّنًا.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ الِابْنَ الَّذِي أَجَازَ وَصِيَّةَ أَبِيهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا بِأَنْ كَانَ قَاتِلًا كَانَتْ إجَازَتُهُ بَاطِلَةً فَهَذَا مِثْلُهُ. ثُمَّ يَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ نِصْفَ الْعَيْنِ، وَذَلِكَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا بِلَا مِنَّةٍ لِأَحَدٍ، وَيَكُونُ لِلِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ النِّصْفُ الْبَاقِي، وَقَدْ أَجَازَ لِلْمُوصَى لَهُ وَصِيَّتَهُ فَيُعْطِيه مِنْ هَذَا النِّصْفِ اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا فَيُؤْمَرُ بِدَفْعِ ذَلِكَ الْقَدْرِ إلَى الْمُوصَى لَهُ، وَعَلَى الطَّرِيقِ الْآخَرِ يَجْعَلُ كَأَنَّ الْمَالَ عَيْنٌ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ بِلَا مِنَّةِ الْإِجَازَةِ يَبْقَى مِنْ حَقِّهِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ نِصْفُ ذَلِكَ فِي حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ، وَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَيُعْطِي لَهُ مِنْ الْعَيْنِ الثُّلُثَ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، يَبْقَى سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ ثُمَّ لَا يُعْطِي الْمَدْيُونُ نَفْسَهُ بَلْ يَقْسِمُهُ الْآخَرَانِ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا قَبْلَهُ، وَحَقُّهُمَا قَبْلَهُ سَوَاءٌ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ فَيَحْصُلُ لَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا ثُمَّ إنَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ مِنْ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ مِثْلَ رُبْعِ نَصِيبِهِ الْأَصْلِيِّ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ فَيَصِيرُ لَهُ ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ وَثُلُثٌ. وَيَأْخُذُ أَيْضًا مِثْلَ رُبْعِ مَا أَخَذَهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، وَهُوَ فِي أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ وَسُدُسٍ فَيَكُون ذَلِكَ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَنِصْفًا.
وَإِنَّمَا يَأْخُذُ مِثْلَ أَرْبَعَةٍ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ إنَّمَا أَجَازَ لَهُ الْوَصِيَّةَ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إلَى تَمَامِ النِّصْفِ، وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إلَى تَمَامِ النِّصْفِ يَكُونُ رُبْعَ الثُّلُثَيْنِ فَعَرَفْنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنَّمَا أَجَازَ لَهُ الْوَصِيَّةَ فِي رُبْعِ مَا يُسَلِّمُ لَهُ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ خُرُوجُ الدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ الْمَدْيُونُ يُمْسِك مِيرَاثَهُ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ، وَيُؤَدِّي ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا فَيَقْسِمُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ ثُمَّ يَسْتَوْفِي الْمُوصَى لَهُ مِنْ الِابْنِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ رُبْعُ مَا أَخَذَ بِاعْتِبَارِ إجَازَتِهِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَسُدُسٌ فَيُسَلِّمُ لَهُ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ، وَيَأْخُذُ مِنْ الِابْنِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَا أَجَازَ الْوَصِيَّةَ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute