لَا تُعْتَقُ إلَّا بِأَدَاءِ السِّعَايَةِ، وَهِيَ قَبْلَ الْأَدَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبَةِ، وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْأُمِّ يَسْعَى فِيمَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَنَالُ الْعِتْقَ إلَّا بِذَلِكَ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي رُبْعِ قِيمَتِهِ أَيْضًا مَعَ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَةِ أُمِّهِ لِأَنَّ النِّصْفَ الَّذِي هُوَ مَقْصُودٌ مِنْهُ لَا يُعْتَقُ إلَّا بِأَدَاءِ السِّعَايَةِ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يَسْعَى الْوَلَدُ فِي شَيْءٍ مِمَّا كَانَ عَلَى الْأُمِّ لِأَنَّ الْمُسْتَسْعَى عِنْدَهُمَا حُرٌّ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَيْسَ عَلَى وَلَدِ الْحُرَّةِ السِّعَايَةُ فِي دَيْنِ الْأُمِّ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَلَكِنَّهَا تَسْعَى فِي خُمُسَيْ قِيمَتِهَا لِأَنَّ نِصْفَهَا عَتَقَ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ وَالْوَصِيَّةُ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي، وَقَدْ مَاتَتْ الْأُمُّ مُسْتَوْفِيَةٌ، لِوَصِيَّتِهَا وَهِيَ نِصْفُ الثُّلُثِ، وَيُؤَدِّي مَا عَلَيْهَا مِنْ السِّعَايَةِ فَإِنَّمَا مَالُ الْمَيِّتِ نِصْفُ الْوَلَدِ يَضْرِبُ فِيهِ الْوَلَدُ بِسَهْمٍ وَالْوَرَثَةُ بِأَرْبَعَةٍ فَيَكُونُ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَذَلِكَ خُمُسَا جَمِيعِ قِيمَتِهِ، وَلَوْ لَمْ تَجِبْ الْأُمُّ، وَمَاتَ الْوَلَدُ سَعَتْ الْأُمُّ فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ قِيمَتِهَا لِأَنَّ الْوَلَدَ مُسْتَوْفٍ لِوَصِيَّتِهِ، وَقَدْ تَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ فَإِنَّمَا تَضْرِبُ الْأُمُّ فِي رَقَبَتِهَا بِنِصْفِ الثُّلُثِ، وَذَلِكَ سَهْمٌ وَالْوَرَثَةُ بِأَرْبَعَةٍ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِأَمَةٍ لَا مَالَ غَيْرُهَا فِي صِحَّتِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ السَّاعَةَ أَوْ إذَا مِتُّ سَعَتْ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ أَدْخَلَ حَرْفَ " أَوْ " بَيْنَ كَلَامَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ الْحُرِّيَّةِ وَالتَّدْبِيرِ، وَقَدْ فَاتَ الْبَيَانُ لِمَوْتِهِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ فَقَدْ عَتَقَ نِصْفُهَا بِالْحُرِّيَّةِ الثَّابِتَةِ فِي صِحَّتِهِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مُعْتَبَرًا مِنْ الثُّلُثِ، وَالنِّصْفُ الْبَاقِي يُعْتَقُ بِالتَّدْبِيرِ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّمَا يُسَلَّمُ لَهَا ثُلُثُ ذَلِكَ النِّصْفِ، وَعَلَيْهَا السِّعَايَةُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا.
وَلَوْ قَالَ أَنْتِ حُرَّةٌ السَّاعَةَ أَوْ إذَا مَرِضْت فَإِنَّهَا تَعْتِقُ إذَا مَرِضَ، وَلَا يَعْتِقُ مِنْهَا فِي الصِّحَّةِ شَيْءٌ فَإِذَا مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ سَعَتْ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا لِأَصْلٍ قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ مَنْ ذَكَرَ وَقْتَيْنِ، وَأَضَافَ الْحُرِّيَّةَ إلَى أَحَدِهِمَا بِحَرْفِ " أَوْ " فَإِنَّمَا يَقَعُ فِي آخِرِ الْوَقْتَيْنِ، وَمَتَى عَتَقَ بِأَحَدِ فِعْلَيْنِ فَإِنَّمَا يَقَعُ عِنْدَ وُجُودِ أَوَّلِهِمَا فَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ وَقْتٍ وَفِعْلٍ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ مَا لَمْ يُوجَدْ الْفِعْلُ لِأَنَّهُ إنْ وُجِدَ الْفِعْلُ أَوَّلًا جُعِلَ فِي حَقِّ الْمَوْجُودِ كَأَنَّ الْآخَرَ مِثْلُهُ، وَإِنْ وُجِدَ الْوَقْتُ أَوَّلًا يُجْعَلُ فِي حَقِّ الْمَوْجُودِ كَأَنَّ الْآخَرَ مِثْلُهُ، فَهُنَا إمَّا أَنْ يَقُولَ هُوَ مُنَصَّفُ الْعِتْقِ إلَى آخِرِ الْوَقْتَيْنِ فَإِنَّ زَمَانَ الْمَرَضِ وَقْتٌ كَزَمَانِ الصِّحَّةِ فَلَا يَقَعُ إلَّا فِي زَمَانِ الْمَرَضِ أَوْ جَمَعَ بَيْنَ وَقْتٍ وَفِعْلٍ بِقَوْلِهِ: وَإِذَا مَرِضْت، فَإِنَّمَا يَقَعُ عِنْدَ وُجُودِ الْمَرَضِ، وَعِتْقُ الْمَرَضِ يَكُونُ مُعْتَبَرًا مِنْ الثُّلُثِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إذَا مِتُّ فَإِنَّ ذَلِكَ تَدْبِيرٌ لَا تَعْلِيقٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ فِي الصِّحَّةِ أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ مُدَبَّرَةٌ وَالتَّدْبِيرُ وَاقِعٌ فِي الْحَالِ بِعِتْقِ الْبَيَانِ، وَلِهَذَا يُمْنَعُ بِهِ الْبَيْعُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - طَعَنَ أَبُو حَازِمٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَقَ مِنْهَا فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَإِذَا مِتُّ تَعْلِيقٌ بِالشَّرْطِ فِي الظَّاهِرِ وَالْحَقِيقَةِ جَمِيعًا، وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute