للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُتْرَكُ شَيْءٌ مِنْ الْعِتْقِ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ مُدَبَّرَةٌ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ وَاللَّفْظُ مُعْتَبَرٌ فِي التَّعْلِيقِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ مُدَبَّرَةٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا، وَمَا كَانَ إلَّا بِاعْتِبَارِ لَفْظَةِ التَّعْلِيقِ فِي أَحَدِ الْفَصْلَيْنِ دُونَ الْآخَرِ.

وَلَوْ قَالَ إنْ شِئْت فَأَنْتِ طَالِقٌ غَدًا تُعْتَبَرُ الْمَشِيئَةُ فِي الْحَالِ، وَمَا كَانَ إلَّا بِاعْتِبَارِ لَفْظِهِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا، وَلَكِنَّا نَقُولُ: مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَصَحُّ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَإِذَا مِتُّ وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا فِي الصُّورَةِ فَقَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ مَعْنَى التَّدْبِيرِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ يُمْنَعُ لَهُ الْبَيْعُ فِي الْحَالِ، وَبَعْدَمَا غَلَبَ عَلَى صُورَةِ اللَّفْظِ مَعْنًى يَسْقُطُ اعْتِبَارُ تِلْكَ الصُّورَةِ كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت فَإِنَّهُ يَكُونُ هَذَا تَفْوِيضًا حَتَّى يَقْتَصِرَ عَلَى الْمَجْلِسِ، وَلَا يَكُونُ يَمِينًا، وَإِنْ وُجِدَتْ صُورَةُ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ غَلَبَ عَلَيْهِ مَعْنًى آخَرُ فَهَذَا كَذَلِكَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ مِتُّ فَأَنْتِ حُرَّةٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ لِأَنَّ هُنَاكَ عَلَّقَ بِالْمَوْتِ عِتْقًا مُعَلَّقًا بِالدُّخُولِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ حَتَّى لَوْ قَالَ هَاهُنَا أَنْتِ حُرَّةٌ السَّاعَةَ، وَإِذَا مِتُّ فِي سَفَرِي هَذَا فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى صُورَةِ الشَّرْطِ مَعْنَى التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ بِذَلِكَ الْكَلَامِ فَيَبْقَى التَّعْلِيقُ مُعْتَبَرًا.

وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنْتِ حُرَّةٌ السَّاعَةَ أَوْ إذَا مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَإِذَا مَاتَ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ عَتَقَتْ مِنْ ثُلُثِهِ بَتًّا.

وَلَوْ قَالَ لِعَبْدَيْنِ لَهُ فِي صِحَّتِهِ أَنْتُمَا حُرَّانِ أَوْ أَحَدُكُمَا مُدَبَّرٌ، وَقِيمَتُهَا سَوَاءٌ ثُمَّ مَاتَ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ، وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سُدُسُ قِيمَتِهِ مِنْ وَصِيَّتِهِ، وَيَسْعَى فِي ثُلُثِ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ خَيَّرَ نَفْسَهُ بَيْنَ حُرِّيَّةٍ وَتَدْبِيرٍ فَكَانَ الْخِيَارُ إلَيْهِ، وَقَدْ انْقَطَعَ خِيَارُهُ بِمَوْتِهِ فَيَثْبُتُ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَذَلِكَ حُرِّيَّةُ رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَتَدْبِيرُ نِصْفِ رَقَبَةٍ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَتَشِيعُ الْحُرِّيَّةُ فِيهِمَا، وَيَعْتِقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ.

وَكَذَلِكَ تَدْبِيرُ نِصْفِ رَقَبَةٍ يَشِيعُ فِيهِمَا إلَّا أَنَّ الْعِتْقَ بِالتَّدْبِيرِ يَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ، وَمَالُهُ رَقَبَةٌ وَاحِدَةٌ فَيُسَلَّمُ لَهُمَا بِالتَّدْبِيرِ ثُلُثُ رَقَبَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ، وَيَسْعَى كُلٌّ إلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي ثُلُثِ قِيمَتِهِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنْتُمَا حُرَّانِ أَوْ مُدَبَّرَانِ لِأَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ لَهُمَا بِالتَّدْبِيرِ ثُلُثُ رَقَبَةٍ بَلْ مَا أَوْجَبَ لَهُمَا مِنْ التَّدْبِيرِ أَوْ أَكْثَرُ.

وَلَوْ قَالَ فِي صِحَّتِهِ أَنْتُمَا حُرَّانِ أَوْ أَحَدُكُمَا حُرٌّ ثُمَّ مَاتَ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا سَعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ خَيَّرَ نَفْسَهُ بَيْنَ تَدْبِيرِ رَقَبَتَيْنِ، وَحُرِّيَّةِ رَقَبَةٍ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ مَوْتِهِ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيُعْتَقُ نِصْفُ رَقَبَتِهِ بِالْعِتْقِ الثَّابِتِ بَيْنَهُمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّبْعُ، وَيَكُونُ مَالُ الْمَيِّتِ رَقَبَةً وَنِصْفًا فَإِنَّمَا يُعْتَقُ بِالتَّدْبِيرِ نِصْفُ رَقَبَةٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَفِي الْحَاصِلِ يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ، وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>