للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا لِسَائِرِ الْغُرَمَاءِ شَيْئًا.

وَلَوْ دَفَعَ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي كَانَ ضَامِنًا حِصَّةَ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْوَارِثُ هُوَ الَّذِي قَضَى بَعْضَ الْغُرَمَاءِ دَيْنَهُمْ، وَعَلَى هَذَا فِي جِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ إذَا دَفَعَ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ ثُمَّ جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى يُفْصَلُ بَيْنَ الدَّفْعِ بِقَضَاءٍ، وَبِغَيْرِ قَضَاءٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الدِّيَاتِ، وَهُمَا يَسْتَوِيَانِ هُنَاكَ بَيْنَ الدَّفْعِ بِقَضَاءٍ، وَبِغَيْرِ قَضَاءٍ، وَالْفَرْقُ لَهُمْ بِحَرْفٍ، وَهُوَ أَنَّهُ مَتَى دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ هُنَاكَ حَقٌّ وَاجِبٌ بِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا سَوَاءٌ دَفَعَ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لِأَنَّهُ فَعَلَ بِنَفْسِهِ عَيْنَ مَا يَأْمُرُ الْقَاضِي بِهِ لَوْ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَيْهِ، وَمَتَى كَانَ حَقُّ الثَّانِي ثَابِتًا عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى الْأَوَّلِ يُفْصَلُ بَيْنَ الدَّفْعِ بِقَضَاءٍ، وَبِغَيْرِ قَضَاءٍ بَيَانُهُ فِيمَا قَالَ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ رَجُلٌ زَوَّجَ أُمَّتَهُ وَاسْتَوْفَى صَدَاقَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ، وَلَمْ يَدْخُلْ الزَّوْجُ بِهَا فَيَضْرِبُ الْوَارِثُ فِي التَّرِكَةِ ثُمَّ اخْتَارَتْ هِيَ نَفْسَهَا حَتَّى صَارَ الصَّدَاقُ دَيْنًا عَلَى الْمَوْلَى، وَهُوَ مُسْتَغْرِقٌ لِلتَّرِكَةِ فَإِنْ تَصَرَّفَ الْوَارِثُ فِي التَّرِكَةِ لَمْ يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُ؛ لِأَنَّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ الدَّيْنُ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا حِينَ تَصَرَّفَ، وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَاجِبًا حِينَ تَصَرَّفَ، وَقَدْ سَبَقَ نَظَائِرُهُ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ فَهَاهُنَا قَدْ تَبَيَّنَ بِإِقْرَارِهِ أَنَّ حَقَّ الثَّانِي كَانَ ثَابِتًا حِينَ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ فَفَصَلَ بَيْنَ الدَّفْعِ بِقَضَاءٍ، وَبِغَيْرِ قَضَاءٍ، وَفِي مَسْأَلَةِ الْجِنَايَةِ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ حَقَّ الثَّانِي كَانَ ثَابِتًا حِينَ دَفَعَ الْقِيمَةَ إلَى الْأَوَّلِ فَلَا يَغْرَمُ الثَّانِي شَيْئًا سَوَاءٌ دَفَعَ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ.

وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ دَفَعَ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ قَاضٍ، وَدَفَعَ الرُّبْعَ إلَى الثَّانِي بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِابْنٍ آخَرَ، وَأَنْكَرَ الْأَوَّلَانِ، وَأَنْكَرَهُمَا الثَّالِثُ أَيْضًا فَإِنَّ الثَّالِثَ يَأْخُذُ مِنْهُ ثُلُثَيْ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ، وَهُوَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا مِمَّا دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ دَفَعَ ذَلِكَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَيُجْعَلُ ذَلِكَ كَالتَّاوِي يَبْقَى نِصْفُ التَّرِكَةِ فِي يَدِهِ، وَقَدْ أَقَرَّ أَنَّ حَقَّهُ وَحَقَّ الثَّالِثِ وَالثَّانِي فِي هَذَا النِّصْفِ سَوَاءٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُهُ، وَهُوَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا مِمَّا دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ دَفَعَ ذَلِكَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فِي الْمَالِ، وَقَدْ دَفَعَ إلَى الثَّانِي زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي فَيَكُونُ ذَلِكَ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ مِنْ نَصِيبِهِ فَيَدْفَعُ إلَى الثَّالِثِ كَمَالَ حَقِّهِ، وَهُوَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ ثُلُثَيْ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ، وَثُلُثُ الْمَدْفُوعِ إلَى الثَّانِي لَمَّا كَانَ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ جُعِلَ كَالْقَائِمِ فِي يَدِهِ فَكَانَ الْبَاقِي فِي يَدِهِ ثُلُثَيْ النِّصْفِ فَيَدْفَعُ إلَى الثَّالِثِ نِصْفَ ذَلِكَ، وَهُوَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ.

وَلَوْ كَانَ دَفَعَ النِّصْفَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي، وَدَفَعَ الثُّلُثَ إلَى الثَّانِي بِقَضَاءِ الْقَاضِي ثُمَّ أَقَرَّ بِالثَّالِثِ فَصَدَّقَهُ فِيهِ الْأَوَّلُ، وَكَذَّبَهُ الثَّانِي وَكَذَبَا جَمِيعًا لِلثَّانِي فَإِنَّ الثَّالِثَ يَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ مَا بَقِيَ فِي يَدِ الِابْنِ الْمَعْرُوفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>