أَسْهُمٍ، وَهُوَ الْعُشْرُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَخَمْسَةٌ، وَهُوَ نِصْفُ الْعَبْدِ يُبَاعُ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا كَمَا أَمَرَ بِهِ الْمُوصَى، وَأَرْبَعَةُ أَعْشَارِهِ حَقُّ الْوَرَثَةِ، فَإِنَّمَا يُبَاعُ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ إنْ رَغِبَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ لِتُنَفَّذَ لَهُ الْمُحَابَاةُ فِيهِ وَقِيمَةُ أَرْبَعَةِ أَعْشَارِهِ أَرْبَعُمِائَةٍ؛ فَلِهَذَا يُبَاعُ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْعَبْدِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ خُمْسُ الْأَلْفَيْنِ أَيْضًا، وَذَلِكَ أَرْبَعُمِائَةٍ، وَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ الثَّمَنِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، وَهُوَ حِصَّةُ نِصْفِ الْعَبْدِ الَّذِي نَفَّذْنَا فِيهِ الْوَصِيَّةَ بِالْبَيْعِ مَعَ الْمُحَابَاةِ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ ذَلِكَ خَمْسُونَ، وَقَدْ فَرَغَ مِنْ وَصِيَّةِ صَاحِبِ الْبَيْعِ فَيُسَلَّمُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ، فَإِذًا قَدْ سَلَّمَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فِي الْحَاصِلِ خَمْسَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَنَفَّذْنَا لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمُحَابَاةِ الْوَصِيَّةَ بِقَدْرِ أَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، فَذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَحَصَلَ لِلْوَرَثَةِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَقَدْ حَصَلَ لَهُمْ مِنْ الثَّمَنِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْأَلْفَيْنِ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ.
وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَبْدٌ يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَبَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ فِي مَرَضِهِ بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ بِسَنَةِ سِتَّةٍ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ آخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ، ثُمَّ مَاتَ وَأَبَى الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا، فَتَخْرِيجُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَنْبَنِي عَلَى فَصْلَيْنِ فِيهِمَا الْخِلَافُ: أَحَدُهُمَا أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْمُحَابَاةَ الْمُتَقَدِّمَةَ تُقَدَّمُ عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا فِي الثُّلُثِ، وَالثَّانِي: أَنَّ مَنْ بَاعَ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا يُسَاوِي قِيمَتَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِثَلَاثَةِ أَلْفٍ سَنَةً فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ: إنَّمَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ فِي ثُلُثِ الثَّمَنِ وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ: التَّأْجِيلُ صَحِيحٌ فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِنْ الثَّمَنِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْفَصْلَيْنِ ثُمَّ التَّخْرِيجُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ نَقُولَ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ حَالَّةً وَسَلَّمَ لَهُ التَّأْجِيلَ فِي مِقْدَارِ أَلْفٍ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ تُقَدَّمُ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ أَصْلًا، فَإِنْ نَقَضَ الْبَيْعَ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ وَيَبْقَى صَاحِبُ الثُّلُثِ فَيَأْخُذُ ثُلُثَ الْعَبْدِ، وَإِنْ أَوْصَى بِالْبَيْعِ فَأَدَّى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ حَالَّةً إلَى الْوَرَثَةِ ثُمَّ خَلَّفَ الْأَلْفَ الْبَاقِيَةَ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ وَتُعْطَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَ الَّتِي مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَقَدْ فَرَغَتْ مِنْ وَصِيَّةِ صَاحِبِ الْمُحَابَاةِ بِمُضِيِّ الْأَجَلِ فَيُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، فَإِنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي إمْضَاءَ الْبَيْعِ فَالتَّأْجِيلُ صَحِيحٌ لَهُ فِي رُبْعِ الثَّمَنِ، وَيُؤَدِّي مَا بَقِيَ فَيُسَلَّمُ لِلْوَارِثِ مِنْ ذَلِكَ أَلْفَانِ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ ثَلَاثَةُ أَلْفٍ فَرُبْعُهُ سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي هَذَا الْقَدْرِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ يَضْرِبُ بِالثُّلُثِ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ يَضْرِبُ بِالْجَمِيعِ، فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ، وَالْمَالُ اثْنَيْ عَشَرَ، فَإِنَّمَا يُسَلَّمُ لَهُ التَّأْجِيلُ فِي مِقْدَارِ ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَهُوَ الرُّبْعُ وَيُؤَدِّي أَلْفَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute