للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنٍ أَوْ بِأَخٍ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ بِهِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ أَنْكَرَهُ الْمَرِيضُ وَقَالَ: لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ ثُمَّ أَوْصَى بِمَالِهِ كُلِّهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ، فَالْمَالُ كُلُّهُ لِلْمُوصَى لَهُ وَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَمْ يَثْبُتْ بِإِقْرَارِهِ وَكَانَ إقْرَارُهُ بِمَنْزِلَةِ إيجَابِ الْمَالِ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ، وَرُجُوعُهُ عَنْ ذَلِكَ صَحِيحٌ، فَإِنْ أَنْكَرَهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الرَّاجِعِ عَمَّا أَوْجَبَهُ لَهُ، فَلِهَذَا سُلِّمَ الْمَالُ كُلُّهُ لَهُ، وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِمَالِهِ لِأَحَدٍ كَانَ مَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ دُونَ الْمُقَرِّ بِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُقَرِّ بِهِ قَدْ بَطَلَ بِجُحُودِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: كَلَامُهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ فَكَيْف يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْهُ؟، قُلْنَا: لَا كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ إيجَابِ الْمَالِ لَهُ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ، وَهُوَ الْوَصِيَّةُ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ لَوْ كَانَ ظَاهِرًا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمَالَ إلَّا بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ الْمَرِيضُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَهُ عَمَّةٌ أَوْ مَوْلَى نِعْمَةٍ، فَأَقَرَّتْ الْعَمَّةُ أَوْ مَوْلَى النِّعْمَةِ بِأَخٍ لِلْمَيِّتِ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ بِعَمٍّ أَوْ بِابْنِ عَمٍّ ثُمَّ أَنْكَرَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ أَخَذَ الْمُقَرُّ بِهِ الْمِيرَاثَ كُلَّهُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ الْمَعْرُوفَ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي اسْتِحْقَاقِ مَالِهِ، وَإِقْرَارُهُ حُجَّةٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ جُدِّدَ الْإِقْرَارُ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَرِيضِ كَانَ جَمِيعُ الْمَالِ لِلْمُقَرِّ بِهِ، فَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ.

وَإِنْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِزَوْجٍ وَابْنَةٍ لَهَا مِنْ غَيْرِ هَذَا الزَّوْجِ، فَصَدَّقَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا أَقَرَّتْ بِهِ لَهُ خَاصَّةً، وَجَحَدَ صَاحِبُهُ ثُمَّ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهَا فَلِلزَّوْجِ نِصْفُ الْمَالِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهَا بِالزَّوْجِيَّةِ صَحِيحٌ، وَإِقْرَارَهَا بِالِابْنَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي حَقِّ الزَّوْجِ، فَيَأْخُذُ الزَّوْجُ النِّصْفَ ثُمَّ لَمَّا لَمْ يُوجَدْ مَا يَسْتَحِقُّ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْوَرَثَةِ فَيُعْتَبَرُ إقْرَارُهَا بِالِابْنَةِ فِيمَا بَقِيَ فَيَكُونُ لَهَا النِّصْفُ الْبَاقِي، وَلَوْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فِيمَا أَقَرَّتْ بِهِ مِنْ نَسَبِ الِابْنَةِ، وَجَحَدَتْ الِابْنَةُ الزَّوْجَ كَانَ لِلزَّوْجِ رُبْعُ الْمَالِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ فَالْتَحَقَتْ بِالِابْنَةِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ تَصْدِيقِهِ فِي حَقِّهِ فَيَكُونُ لَهُ رُبْعُ الْمَالِ، وَالْبَاقِي لِلِابْنَةِ.

وَلَوْ أَقَرَّتْ فِي مَرَضِهَا أَوْ صِحَّتِهَا بِزَوْجٍ وَابْنَةٍ وَأُمٍّ وَأُخْتٍ لِأَبٍ فَصَدَّقَهَا كُلُّ وَاحِدٍ فِيمَا أَقَرَّتْ لَهُ بِهِ خَاصَّةً، فَلِلزَّوْجِ نِصْفُ الْمَالِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهَا بِالزَّوْجِيَّةِ صَحِيحٌ وَلِمَنْ سَمَّى الزَّوْجُ مِنْ جَمِيعِ مَنْ سَمَّيْنَا غَيْرُ صَحِيحٍ فِي حَقِّ الزَّوْجِ فَيَأْخُذُ الزَّوْجُ نِصْفَ الْمَالِ، ثُمَّ الْبَاقِي يُقَسَّمُ بَيْنَ مَنْ بَقِيَ عَلَى تِسْعَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ اسْتَوَوْا فِي أَنَّ إقْرَارَهَا لَهُمْ بِالنَّسَبِ لَا يَصِحُّ فَيُجْعَلُ فِيمَا بَيْنَهُمْ كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَعْرُوفٌ بِالنَّسَبِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهِ، وَلَوْ كَانُوا مَعْرُوفِينَ كَانَتْ الْقِسْمَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ: لِلزَّوْجِ الرُّبْعُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ سِتَّةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ سَهْمَانِ، وَالْبَاقِي، وَهُوَ سَهْمٌ لِلْأُخْتِ، وَقَدْ أَخَذَ الزَّوْجُ كَمَالَ حَقِّهِ فَيَطْرَحُ سِهَامًا وَيُقَسِّمُ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمْ عَلَى تِسْعَةٍ: لِلِابْنَةِ سِتَّةٌ وَلِلْأُمِّ سَهْمَانِ وَلِلْأُخْتِ سَهْمٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِمْ لَمْ يُصَدِّقُوهَا وَلَمْ يُكَذِّبُوهَا حَتَّى مَاتَتْ ثُمَّ صَدَّقُوهَا بَعْدَ مَوْتِهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا فَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>