الْجَوَابُ كَذَلِكَ وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْإِقْرَارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ بَعْدَ مَوْتِهَا بَاطِلٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَيُقَسَّمُ الْمِيرَاثُ كُلُّهُ عَلَى سِتَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ مَا أَقَرَّ إلَّا بِالثَّلَاثَةِ سِوَى الزَّوْجِ فَيَكُونُ لِلِابْنَةِ نِصْفُ ثَلَاثَةٍ مِنْ سِتَّةٍ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ سَهْمٌ، وَالْبَاقِي لِلْأُخْتِ، وَهُوَ سَهْمَانِ. وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلِلْأُخْتِ ثَلَاثَةٌ، وَهُوَ غَلَطٌ، فَإِنَّ الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةٌ فَيَكُونُ لِلْأُخْتِ مَا بَقِيَ، وَهُوَ سَهْمَانِ، وَلَوْ كَانُوا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فِي حَيَاتِهَا وَتَكَاذَبُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ إلَّا الزَّوْجَ فَإِنَّهُ أَقَرَّ بِالْأُمِّ كَانَ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ كَمَا بَيَّنَّا، ثُمَّ يُضَمُّ لِلْأُمِّ نَصِيبُهَا إلَى نَصِيبِ الزَّوْجِ فَيَقْتَسِمَانِ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ: لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ سَهْمَانِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ صَدَّقَ بِهَا فَالْتَحَقَتْ فِي حَقِّهِ بِأُمٍّ مَعْرُوفَةٍ فَمَا يَحْصُلُ فِي أَيْدِيهمَا يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا عَلَى خَمْسَةٍ: لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ سَهْمَانِ، وَفِي هَذَا بَعْضُ الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ بِوُجُوبِ الْأُمِّ لَا يَتَحَوَّلُ نَصِيبُ الزَّوْجِ إلَى الرُّبْعِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْرِبُ هُوَ بِالنِّصْفِ سِتَّةً، وَلَكِنْ نَقُولُ: الزَّوْجُ إنَّمَا يَضْرِبُ بِثَلَاثَةٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ تَرَكَتْ زَوْجًا، وَإِمَّا فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ.
فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا فِي أَيْدِيهمَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ أَخَذَتْ النِّصْفَ الْبَاقِيَ مَعَ الزَّوْجِ قُلْنَا: هِيَ بِالْأُمِّيَّةِ تَسْتَحِقُّ الثُّلُثَ، ثُمَّ الْبَاقِي يُرَدُّ عَلَيْهَا، وَلَا يُعْتَبَرُ الرَّدُّ فِي الْمُزَاحَمَةِ عِنْدَ ضِعْفِ الْمَالِ؛ فَلِذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ
، وَلَوْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ فَصَدَّقَهُ الْأَخُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ أَوْصَى بِمَالِهِ لِرَجُلٍ آخَرَ، ثُمَّ مَاتَ، فَقَالَ الْأَخُ: لَسْتُ لَهُ بِأَخٍ وَكَانَ إقْرَارُهُ لِي بَاطِلًا، فَالْمَالُ كُلُّهُ لِلْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِمَالِهِ لِأَحَدٍ، فَالْمَالُ كُلُّهُ لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْأَخَ صَارَ رَادًّا لِمَا أَوْجَبَهُ لَهُ حِينَ أَنْكَرَ الْأُخُوَّةَ
وَلَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ وَابْنَةٍ وَأُمٍّ وَأُخْتٍ لِأَبٍ فَصَدَّقَتْهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِي نَفْسِهَا وَكَذَّبَتْهُ فِي الْبَقِيَّةِ ثُمَّ مَاتَ فَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ، وَالْبَاقِي لِلِابْنَةِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ وَالِابْنَةِ صَحِيحٌ فَالْتَحَقَتَا بِالْمَعْرُوفَتَيْنِ، فَلِلْمَرْأَةِ الثُّمُنُ، وَالْبَاقِي لِلِابْنَةِ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ وَلَا شَيْءَ لِلْأُمِّ، وَالْأُخْتِ؛ لِأَنَّ الِابْنَةَ بَعْدَ ثُبُوتِ نَسَبِهَا مُسْتَحِقَّةٌ لِجَمِيعِ الْمَالِ، وَإِذَا أَقَرَّ بِابْنِ ابْنٍ أَوْ بِأَخٍ لَهُ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ ثُمَّ قُتِلَ عَمْدًا، فَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ بِهِ فِي الْقَوَدِ قَوْلٌ وَلَكِنَّهُ إلَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُوصَى لَهُ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَالِ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْقَوَدِ وَلِأَنَّ إقْرَارَهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ بِهِ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ فِي الْقِصَاصِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ أَوْفَى بِذِمَّةٍ لِرَجُلٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ مِنْهُ. فَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ لَهُ بِنَسَبٍ لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ النَّسَبُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَكِنَّ الرَّأْيَ إلَى الْإِمَامِ فَإِنْ شَاءَ اسْتَوْفَى الْقِصَاصَ، وَإِنْ شَاءَ صَالَحَ الْقَاتِلَ عَلَى الدِّيَةِ، فَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute