للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَبْدِ بِاعْتِبَارِ الدَّيْنِ يَبْقَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فَيَجْعَلُ ذَلِكَ كَعَبْدٍ كَامِلٍ، ثُمَّ كُلُّ سَهْمٍ تُفْدَى فِيهِ الْهِبَةُ يَفْدِيهِ بِمِثْلِ نِصْفِهِ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ مِثْلُ نِصْفِ الْقِيمَةِ، فَإِذَا جَعَلْنَا ثَلَاثَةً عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَجَوَّزْنَا الْهِبَةَ فِي سَهْمٍ فَدَاهُ بِنِصْفِ سَهْمٍ فَيَظْهَرُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ زِيَادَةُ نِصْفِ سَهْمٍ، وَهُوَ الدَّائِرُ فَيَطْرَحُ هَذَا مِنْ أَصْلِ حَقِّهِمْ وَيَكُونُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ عَلَى سَهْمَيْنِ وَنِصْفٍ انْكَسَرَ بِالْإِنْصَافِ فَأَضْعِفْهُ فَيَكُونُ خَمْسَةً، فَتَجُوزُ الْهِبَةُ لَهُ فِي سَهْمَيْنِ مِنْ خَمْسَةٍ، ثُمَّ يَفْدِي ذَلِكَ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ فَيَحْصُلُ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ، قَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سَهْمَيْنِ فَكَانَ مُسْتَقِيمًا.

فَإِذَا صَارَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ عَلَى خَمْسَةٍ كَانَ رُبْعُهُ سَهْمًا وَثُلُثَيْنِ، وَجَمِيعُهُ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ فَاضْرِبْهُ فِي ثَلَاثَةٍ لِلْكَسْرِ فَيَكُونُ عِشْرِينَ، وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا الْهِبَةَ فِي سَهْمَيْنِ، قَدْ ضَرَبْنَاهُمَا فِي ثَلَاثَةٍ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتَّةٌ مِنْ عِشْرِينَ ثَلَاثَةُ أَعْشَارٍ؛ فَلِهَذَا قَالَ: يَفْدِي ثَلَاثَةَ أَعْشَارِهِ بِثَلَاثَةِ أَعْشَارِ الدِّيَةِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قِيلَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ: ادْفَعْ ثَلَاثَةَ أَعْشَارِهِ أَوْ افْدِهِ بِثَلَاثَةِ أَعْشَارِ الدِّيَةِ، وَهُوَ غَلَطٌ فِي حَقِّ الدَّفْعِ، بَلْ الصَّحِيحُ عِنْدَ اخْتِيَارِ الدَّفْعِ مَا بَيَّنَّا أَنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْمَانِهِ.

وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ يُسَاوِي عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَوَهَبَهُ لِرَجُلٍ فِي مَرَضِهِ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ قَتَلَ الْعَبْدُ الْوَاهِبَ وَأَجْنَبِيًّا مَعَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ، فَهُوَ ضَامِنٌ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ لِوَرَثَةِ الْأَجْنَبِيِّ، وَيَضْمَنُ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ وَثُلُثَيْ الْقِيمَةِ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ يَتَقَرَّرُ بِالْإِعْتَاقِ، وَهُوَ بِالْإِعْتَاقِ مَعَ الْعِلْمِ بِالْجِنَايَةِ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْجِنَايَتَيْنِ، فَيَضْمَنُ لِلْأَجْنَبِيِّ كَمَالَ الدِّيَةِ، وَلِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ الدِّيَةَ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ، وَالْقِيمَةَ بِسَبَبِ الِاسْتِهْلَاكِ، فَظَهَرَ أَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ الدِّيَةُ، وَالْقِيمَةُ فَيَسْلَمُ لَهُ الثُّلُثُ مِنْهَا بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ فَيَضْمَنُ لِلْوَرَثَةِ ثُلُثَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ أَعْتَقَهُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ صَارَ فِي حُكْمِ الْجِنَايَتَيْنِ مُسْتَهْلِكًا رَقَبَةَ الْعَبْدِ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ، وَقِيمَتُهُ فِي الْجِنَايَةِ لَا تَزِيدُ عَلَى عَشَرَةِ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةً فَيَغْرَمُ نِصْفَ ذَلِكَ، وَهُوَ خَمْسَةُ آلَافٍ إلَّا خَمْسَةً لِوَرَثَةِ الْأَجْنَبِيِّ، وَيَغْرَمُ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ وَثُلُثَيْ خَمْسَةِ آلَافٍ إلَّا خَمْسَةً؛ لِأَنَّ مَالَهُ قِيمَةٌ كَامِلَةٌ، وَهِيَ الْوَاجِبَةُ بِاسْتِهْلَاكِ الْمَوْهُوبِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ وَذَلِكَ خَمْسَةُ آلَافٍ إلَّا خَمْسَةً، فَتَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ، وَيَغْرَمُ لِلْوَرَثَةِ الثُّلُثَيْنِ.

وَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يُعْتِقْهُ وَاخْتَارَ الْفِدَاءَ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ نِصْفَهُ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ نَقْضًا لِلْهِبَةِ، وَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي نِصْفِهِ، ثُمَّ يَفْدِي ذَلِكَ النِّصْفَ بِنِصْفِ الدِّيَةِ لِوَرَثَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَبِنِصْفِ الدِّيَةِ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ يَظْهَرُ أَنَّ مَالَ الْوَاهِبِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَأَنَّ الْهِبَةَ تَصِحُّ فِي مِقْدَارِ الثُّلُثِ، وَهُوَ نِصْفُ الْعَبْدِ، قِيمَتُهُ خَمْسَةُ آلَافٍ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْعَبْدَ فِي الْأَصْلِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَبَعْدَ طَرْحِ سَهْمِ الدَّوْرِ عَلَى سَهْمَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>