أَوْلَادِ الِابْنِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ عِنْدَ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ الْبَاقِي لِبَنِي الِابْنِ خَاصَّةً، وَلَا شَيْءَ لِبَنَاتِ الِابْنِ فَإِنْ كَانَتْ ابْنَةُ الصُّلْبِ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَالْبَاقِي بَيْنَ أَوْلَادِ الِابْنِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ عِنْدَ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ، وَعِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يُنْظَرُ إلَى الْمُقَاسَمَةِ وَالسُّدُسِ لِبَنَاتِ الِابْنِ فَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ شَرًّا لَهُنَّ فَلَهُنَّ ذَلِكَ وَالْبَاقِي لِبَنِي الِابْنِ وَيُسَمَّى هَذَا الْجِنْسُ مَسَائِلُ الْإِضْرَارِ.
وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِالْآيَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اعْتَبَرَ فِي مِيرَاثِ الْأَوْلَادِ أَحَدَ الْحُكْمَيْنِ أَمَّا الثُّلُثَانِ لِلْبَنَاتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} [النساء: ١١] وَأَمَّا الْقِسْمَةُ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١]، وَقَدْ وُجِدَ أَحَدُ الْحُكْمَيْنِ هُنَا وَهُوَ إعْطَاءُ الْبَنَاتِ الثُّلُثَيْنِ فَلَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ الْحُكْمِ الْآخَرِ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا مُتَعَذِّرٌ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا يَبْقَى لِأَوْلَادِ الِابْنِ اسْتِحْقَاقٌ بِحُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ بَعْدَ مَا أَخَذَتْ الْبَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ الِاسْتِحْقَاقُ لِلذُّكُورِ مِنْهُمْ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ، وَإِنْ كَانَتْ ابْنَةُ الصُّلْبِ وَاحِدَةً قَدْ بَقِيَ السُّدُسُ مِمَّا يَسْتَحِقُّهُ الْبَنَاتُ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ لَهُنَّ عِنْدَ الِانْفِرَادِ لَا عِنْدَ الِاخْتِلَاطِ فَلَا يُعْطَيْنَ إلَّا الْأَقَلَّ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ بِهِ فَلِهَذَا يُنْظَرُ إلَى الْمُقَاسَمَةِ وَإِلَى السُّدُسِ فِيمَا يُعْطَى بَنَاتُ الِابْنِ، وَلِأَنَّ بَنَاتَ الِابْنِ لَوْ انْفَرَدْنَ مَعَ الِابْنَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ شَيْءٌ وَمَعَ الْوَاحِدَةِ مِنْ الْبَنَاتِ لَا يَكُونُ لَهُنَّ إلَّا السُّدُسُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ حَالَةَ الِانْفِرَادِ فِي حُكْمِ الِاسْتِحْقَاقِ أَقْوَى مِنْ حَالَةِ الِاجْتِمَاعِ، وَإِنَّمَا تَصِيرُ الْأُنْثَى عَصَبَةً بِالذَّكَرِ إذَا كَانَتْ صَاحِبَةَ فَرْضٍ عِنْدَ الِانْفِرَادِ كَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ فَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَحِقَّةً شَيْئًا عِنْدَ الِانْفِرَادِ لَمْ تَصِرْ عَصَبَةً بِالذَّكَرِ كَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ مَعَ بَنِي الْإِخْوَةِ وَبَنَاتِ الْعَمِّ مَعَ بَنِي الْعَمِّ وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ أَنَّ الذَّكَرَ مَعَ أَوْلَادِ الِابْنِ يَعْصِبُ الْإِنَاثَ فِي دَرَجَتِهِ فِي اسْتِحْقَاقِ جَمِيعِ الْمَالِ بِالِاتِّفَاقِ وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَلَدٌ لِلْمَيِّتِ لِصُلْبِهِ فَكُلُّ ذَكَرٍ يَعْصِبُ الْأُنْثَى فِي اسْتِحْقَاقِ جَمِيعِ الْمَالِ بِالِاتِّفَاقِ يَعْصِبُهَا فِي اسْتِحْقَاقِ مَا بَقِيَ كَالْأَخِ مَعَ الْأَخَوَاتِ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْبَنَاتِ مَعَ الْبَنِينَ.
وَهَذَا لِأَنَّ بَنَاتَ الصُّلْبِ لَمَّا أَخَذْنَ نَصِيبَهُنَّ خَرَجْنَ مِنْ الْبَنِينَ وَصَارَ فِيمَا بَقِيَ كَأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ ابْنَةٌ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ فِيمَا بَقِيَ هُوَ الْحُكْمُ فِي الْجَمِيعِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بَنَاتُ الصُّلْبِ وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّا لَا نَجْمَعُ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا نُثْبِتُ فِي كُلِّ مَحَلٍّ أَحَدَ الْحُكْمَيْنِ فَفِي الثُّلُثَيْنِ عَمِلْنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} [النساء: ١١]، وَفِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ عَمِلْنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute