الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] يُوَضِّحُهُ أَنَّ الذَّكَرَ مِنْ أَوْلَادِ الِابْنِ يَعْصِبُ الْأُنْثَى فِي دَرَجَتِهِ فِي حُكْمِ الْحِرْمَانِ وَبَيَانُهُ إذَا اجْتَمَعَ مَعَ الزَّوْجِ وَالْأَبَوَيْنِ ابْنَةٌ وَابْنَةُ ابْنٍ فَإِنَّ لِلْبِنْتِ النِّصْفَ وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ فَإِنْ كَانَ مَعَ ابْنَةِ الِابْنِ ابْنُ الِابْنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ لِأَنَّهَا تَصِيرُ عَصَبَةً بِهِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ شَيْءٌ فَلَمَّا كَانَ يَعْصِبُهَا فِي حُكْمِ الْحِرْمَانِ فَلَأَنْ يَعْصِبَهَا فِي حُكْمِ الِاسْتِحْقَاقِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ التَّعْصِيبَ فِي الْأَصْلِ لِلِاسْتِحْقَاقِ لَا لِلْحِرْمَانِ فَإِنْ كَانَ الذَّكَرُ أَوْلَادَ الِابْنِ دُونَ الْأُنْثَى بِدَرَجَةٍ فَإِنْ اجْتَمَعَ مَعَ ابْنَتِي الصُّلْبِ بِنْتٌ ابْنٌ وَابْنُ ابْنِ ابْنٍ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَنَا أَنَّ الْبَاقِيَ بَيْنهمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ الْبَاقِيَ لِلذَّكَرِ خَاصَّةً هُنَا لِأَنَّ الْأُنْثَى إنَّمَا تَصِيرُ عَصَبَةً بِذَكَرٍ فِي دَرَجَتِهَا لَا بِذَكَرٍ هُوَ دُونَهَا فِي الدَّرَجَةِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْبِنْتَ لَا تَصِيرُ عَصَبَةً بِابْنِ الِابْنِ فِي ابْنَةٍ وَاحِدَةٍ صُلْبِيَّةٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنٍ فَإِنَّهُ لَا تَصِيرُ ابْنَةُ الِابْنِ عَصَبَةً بِابْنِ الِابْنِ. فَكَذَلِكَ مَعَ الْبِنْتَيْنِ لِمَعْنًى وَهُوَ أَنَّ الذَّكَرَ إذَا كَانَ أَبْعَدَ بِدَرَجَةٍ فَلَوْ جُعِلَ لِلْأُنْثَى الَّتِي هِيَ أَقْرَبُ مِنْهُ بِدَرَجَةٍ عَصَبَةً كَانَ الذَّكَرُ مَحْرُومًا فِي نَفْسِهِ لِأَنَّ فِي مِيرَاثِ الْعَصَبَاتِ الْأَقْرَبُ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَبْعَدِ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى (أَلَا تَرَى) أَنَّ الْأُخْتَ لَمَّا صَارَتْ عَصَبَةً مَعَ الْبِنْتِ كَانَ الْبَاقِي لَهَا دُونَ ابْنِ الْأَخِ وَالْعَمِّ.
وَإِذَا صَارَ مَحْرُومًا لَا يَعْصِبُ أَحَدًا وَجْهُ قَوْلِنَا أَنَّ هَذِهِ الْأُنْثَى لَوْ كَانَتْ فِي دَرَجَةِ الذَّكَرِ كَانَتْ عَصَبَةً بِهِ مُسْتَحِقَّةً مَعَهُ. فَإِذَا كَانَتْ أَقْرَبَ مِنْهُ بِدَرَجَةٍ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ تَأْثِيرَ الْقُرْبِ فِي قُوَّةِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا فِي الْحِرْمَانِ، وَفِي هَذَا بَيَانُ أَنَّ التَّعْصِيبَ كَانَ لِمَعْنَى النَّظَرِ لِلْأُنْثَى، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي ابْنَةٍ مَعَ ابْنِ الِابْنِ لِأَنَّ بِالتَّعْصِيبِ هُنَاكَ يُنْتَقَصُ حَقُّهَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَنَصِيبُ الْبِنْتِ الثُّلُثُ فَلِذَا جَعَلْنَاهَا عَصَبَةً بِابْنِ الِابْنِ وَحَقُّهَا بِدُونِ التَّعْصِيبِ النِّصْفُ وَكَذَلِكَ فِي حَقِّ ابْنَةِ الِابْنِ مَعَ ابْنَةٍ وَاحِدَةٍ لِلصُّلْبِ فَإِنَّ بِالتَّعْصِيبِ هُنَاكَ بِابْنِ ابْنِ الِابْنِ لَا يَزْدَادُ نَصِيبُهَا بِحَالٍ، وَقَدْ يُؤَدِّي إلَى حِرْمَانِهَا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْبِنْتُ الصُّلْبِيَّةُ وَاحِدَةً فَحَقُّ ابْنَةُ الِابْنِ مَعَهَا السُّدُسُ دُونَ التَّعْصِيبِ.
وَلَوْ عَصْبنَا بِنْتَ الِابْنِ بِابْنِ ابْنِ الِابْنِ لَا يَزْدَادُ نَصِيبُهَا عَلَى السُّدُسِ فَإِنَّ الْبَاقِيَ مِنْ النِّصْفِ وَهُوَ النِّصْفُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ سَهْمٌ لِبِنْتِ الِابْنِ وَسَهْمَانِ لِابْنِ ابْنِ الِابْنِ كَمَا فِي غَيْرِ حَالَةِ التَّعْصِيبِ. فَأَمَّا فِي التَّعْصِيبِ هُنَا تَوْفِيرُ الْمَنْفَعَةِ عَلَى ابْنَةِ الِابْنِ بِاعْتِبَارِ زِيَادَةِ الْقُرْبِ يُوَضِّحُهُ أَنَّ مَنْ كَانَتْ فِي دَرَجَةِ الذَّكَرِ هُنَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا فَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَبْعَدَ مِنْ الْبَنَاتِ يَسْتَحِقُّ وَالْأَقْرَبُ يَصِيرُ مَحْرُومًا بِنِسْبَةِ الْمُحَالِ فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ. فَصْلٌ
، ثُمَّ جُمْلَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute