للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا أَلَسْنَا مِنْ أُمٍّ وَاحِدَةٍ فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صَدَقْتُمْ وَرَجَعَ إلَى الْقَوْلِ بِالتَّشْرِيكِ وَهُوَ الْمَعْنَى الْفِقْهِيُّ فَإِنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمِيرَاثِ بِاعْتِبَارِ الْقُرْبِ وَالْإِدْلَاءِ، وَقَدْ اسْتَوْفَوْا فِي الْإِدْلَاءِ إلَى الْمَيِّتِ بِالْأُمِّ وَيُرَجَّحُ الْإِخْوَةُ لِأَبٍ وَأُمٍّ بِالْإِدْلَاءِ إلَيْهِ بِالْأَبِ فَإِنْ كَانُوا لَا يَتَقَدَّمُونَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَسْتَوُوا بِهِمْ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَقَدَّمُوا لِأَنَّ الْإِدْلَاءَ بِالْأَبِ بِسَبَبِ الْعُصُوبَةِ وَاسْتِحْقَاقُ الْعَصَبَاتِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ اسْتِحْقَاقِ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ فَلَا يَبْقَى هُنَا شَيْءٌ مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْإِدْلَاءِ بِقَرَابَةِ الْأَبِ فِي حَقِّهِمْ، وَإِنَّمَا يَبْقَى الْإِدْلَاءُ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَهُمْ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَاحْتِجَاجُنَا عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ قَالُوا هَبْ أَنْ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا أَنَّا إذَا جَعَلْنَا أَبَاكُمْ حِمَارًا فَإِنَّا نَجْعَلُ أُمَّكُمْ أَتَانًا فَلَا يُسْتَحَقُّ بِالْإِدْلَاءِ بِهَا شَيْءٌ وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ وَهُوَ أَنَّ الْإِدْلَاءَ بِقَرَابَةِ الْأَبِ سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْعُصُوبَةِ وَبَعْدَ مَا وُجِدَ هَذَا السَّبَبُ لَا تَكُونُ قَرَابَةُ الْأُمِّ عِلَّةً الِاسْتِحْقَاقِ بَلْ تَكُونُ عِلَّةً لِلتَّرْجِيحِ فَلِهَذَا يُرَجَّحُ الْأَخُ لِأَبٍ وَأُمٍّ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ، وَمَا يَكُونُ عِلَّةً لِلِاسْتِحْقَاقِ بِانْفِرَادِهِ لَا يَقَعُ بِهِ التَّرْجِيحُ، وَإِنَّمَا يَقَعُ التَّرْجِيحُ بِمَا لَا يَكُونُ عِلَّةً لِلِاسْتِحْقَاقِ فَلِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ قَرَابَةَ الْأُمِّ فِي حَقِّهِمْ لَيْسَتْ بِسَبَبٍ لِلِاسْتِحْقَاقِ، ثُمَّ الْعُصُوبَةُ أَقْوَى أَسْبَابِ الْإِرْثِ وَالضَّعِيفُ لَا يَظْهَرُ مَعَ وُجُودِ الْقَوِيِّ فَلَا يَظْهَرُ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْفَرِيضَةِ فِي حَقِّ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ.

وَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ وَجَبَ إلْحَاقُ الْفَرَائِضِ بِأَهْلِهَا فَإِنْ بَقِيَ سَهْمٌ فَهُوَ لِلْعَصَبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ. وَإِذَا اعْتَبَرَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمْ فِي قَرَابَةِ الْأُمِّ لِتَرَجُّحِ قَرَابَةِ الْأَبِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الثُّلُثُ كُلُّهُ لَهُمْ كَمَا يُرَجَّحُ الْإِخْوَةُ لِأَبٍ وَأُمٍّ عَلَى الْإِخْوَةِ لِأَبٍ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ هُنَاكَ أَخٌ وَاحِدٌ لِأُمٍّ وَعَشَرَةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَلِلْأَخِ لِأُمٍّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْإِخْوَةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَلَا أَحَدَ يَقُولُ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ هُنَا فَلَوْ كَانَ مَعْنَى الِاسْتِوَاءِ فِي قَرَابَةِ الْأُمِّ مُعْتَبَرًا لَوَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ ذَلِكَ وَبَقِيَ تَفْضِيلُ الْأَخِ لِأُمٍّ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ إذْ عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ لَوْ كَانَ مَكَانُ الْأَخَوَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ لَا تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مُشَرِّكَةً لِأَنَّ لِلْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ الثُّلُثَيْنِ بِالْفَرِيضَةِ وَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ عَوْلِيَّةً وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَكَانُهُمَا أَخَوَيْنِ لِأَبٍ لَا تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مُشَرِّكَةً لِأَنَّ مَنْ يَقُولُ بِالتَّشْرِيكِ إنَّمَا يَقُولُ بِهِ لِوُجُودِ الْمُسَاوَاةِ فِي الْإِدْلَاءِ بِالْأُمِّ وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي الْإِخْوَةِ لِأَبٍ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْأَخُ لِأُمٍّ وَاحِدًا لَا تَكُونُ مُشْتَرَكَةً لِأَنَّهُ يَبْقَى بَعْدَ نَصِيبِ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ.

فَأَمَّا بَيَانُ مِيرَاثِ بَنِي الْأَعْيَانِ فَنَقُولُ إنَّهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَ أَوْلَادِ الصُّلْبِ عِنْدَ عَدَمِهِمْ فِي التَّوْرِيثِ ذُكُورُهُمْ مَقَامَ ذُكُورِهِمْ، وَإِنَاثُهُمْ مَقَامَ إنَاثِهِمْ حَتَّى أَنَّ الْأُنْثَى مِنْهُمْ إذَا كَانَتْ وَاحِدَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>