كَبَنَاتِ الْأَخَوَاتِ وَبَنَاتِ الْبَنَاتِ إلَّا أَنَّا تَرَكْنَا هَذَا الْقِيَاسَ فِي حَقِّ الْجَدَّاتِ بِالسُّنَّةِ فَإِنَّا نَعْتَبِرُ مَا وَرَدَ بِهِ السُّنَّةَ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْآثَارِ زِيَادَةٌ عَلَى السُّدُسِ لِوَاحِدَةٍ مِنْ الْجَدَّاتِ فَلِهَذَا كَانَ لَهُنَّ السُّدُسُ هَذَا بَيَانُ الْفَصْلِ الثَّانِي.
وَالْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي التَّرْتِيبِ فَالْمَذْهَبُ عِنْدَ عَلِيٍّ أَنَّ الْقُرْبَى مِنْ الْجَدَّاتِ أَوْلَى بِالسُّدُسِ مِنْ الْبُعْدَى سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ جَانِبِ الْأُمِّ، أَوْ مِنْ جَانِبِ الْأَبِ وَهَكَذَا يَرْوِيه الْعِرَاقِيُّونَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -. فَأَمَّا أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَرْوُونَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الْقُرْبَى إنْ كَانَتْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَالْبُعْدَى مِنْ قِبَلِ الْأَبِ. فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَإِنْ كَانَتْ الْبُعْدَى مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَالْقُرْبَى مِنْ قِبَلِ الْأَبِ فَهُمَا سَوَاءٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. فَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَهُ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّ الْقُرْبَى وَالْبُعْدَى سَوَاءٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْبُعْدَى أُمَّ الْقُرْبَى، أَوْ جَدَّةُ الْقُرْبَى فَحِينَئِذٍ لَا تَرِثُ مَعَهَا وَالْأُخْرَى الْقُرْبَى وَالْبُعْدَى سَوَاءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَا مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ فَحِينَئِذٍ الْقُرْبَى أَوْلَى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْقُرْبَى أُمَّ الْقُرْبَى، وَلَا جَدَّتَهَا أَمَّا هُوَ أَمَرَّ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِاسْمِ الْجُدُودَةِ شَرْعًا وَالْقُرْبَى وَالْبُعْدَى فِي هَذَا الِاسْمِ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ الْبُعْدَى إذَا كَانَتْ أُمَّ الْقُرْبَى، أَوْ جَدَّتَهَا فَإِنَّمَا تُدْلِي بِهَا وَتَرِثُ بِمِثْلِ نَسَبِهَا فَتَكُونُ مَحْجُوبَةً بِهَا كَالْجَدِّ مَعَ الْأَبِ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَالَ إذَا كَانَتْ الْجِهَةُ وَاحِدَةً فَسَوَاءٌ كَانَتْ تُدْلِي بِهَا، أَوْ لَا تُدْلِي بِهَا كَانَتْ مَحْجُوبَةً بِهَا لِمَعْنَى إيجَادِ السَّبَبِ كَأَوْلَادِ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ فَإِنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ شَيْئًا لِإِيجَادِ السَّبَبِ، وَإِنْ كَانُوا لَا يُدْلُونَ بِهَذَا الِابْنِ، وَإِنَّمَا يُدْلُونَ بِابْنٍ آخَرَ فَهَذَا مِثْلُهُ وَجْهُ قَوْلِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الْجَدَّةَ إنَّمَا تَسْتَحِقُّ الْمِيرَاثَ بِالْأُمُومَةِ وَمَعْنَى الْأُمُومَةِ فِي الَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أَظْهَرُ لِأَنَّهَا أُمٌّ فِي نَفْسِهَا تُدْلِي بِالْأُمِّ وَالْأُخْرَى أُمٌّ تُدْلِي بِالْأَبِ. فَإِذَا كَانَتْ الْقُرْبَى مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ فَقَدْ ظَهَرَ التَّرْجِيحُ فِي جَانِبِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ زِيَادَةِ الْقُرْبِ وَزِيَادَةِ ظُهُورِ صِفَةِ الْأُمُومَةِ فِي جَانِبِهَا فَهِيَ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَتْ الْقُرْبَى مِنْ قِبَلِ الْأَبِ فَلَهَا تَرْجِيحٌ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ زِيَادَةُ الْقُرْبِ وَلِلَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ تَرْجِيحٌ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ زِيَادَةُ ظُهُورِ صِفَةِ الْأُمُومَةِ فَاسْتَوَيَا فَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ زَيْدٍ فِي الْجَدِّ مَعَ الْأَخِ أَنَّ لِلْأَخِ زِيَادَةَ قُرْبٍ وَلِلْجَدِّ زِيَادَةَ قُوَّةٍ مِنْ حَيْثُ الْأُبُوَّةِ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الْمِيرَاثِ وَلَكِنَّا نَأْخُذُ بِقَوْلِ عَلِيٍّ فَنَقُولُ الْجَدَّةُ تَرِثُ بِاعْتِبَارِ الْأُمُومَةِ وَالْأُمُومَةُ هِيَ الْأَصْلُ وَمَعْنَى الْأَصْلِيَّةِ فِي الْقُرْبَى أَظْهَرُ مِنْهُ فِي الْبُعْدَى مِنْ أَيْ جَانِبٍ كَانَتْ الْقُرْبَى لِأَنَّهَا أَصْلٌ الْمَيِّتِ وَالْأُخْرَى أَصْلُ أَصْلِ أَصْلِ الْمَيِّتِ. فَإِذَا كَانَ مَعْنَى الْأَصْلِيَّةِ فِي الْقُرْبَى أَظْهَرَ تَقَدَّمَتْ عَلَى الْبُعْدَى كَمَا لَوْ كَانَتْ الْقُرْبَى مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ أُمَّ الْأُمِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute