اسْتِحْقَاقَ الْمِيرَاثِ لِلْأُنْثَى كَالْإِدْلَاءِ بِالِابْنَةِ فَإِنَّ بِنْتَ الْبِنْتِ كَابْنِ الْبِنْتِ فِي حُكْمِ الْفَرِيضَةِ وَالْعُصُوبَةِ وَكَذَلِكَ بِنْتُ الْأُخْتِ كَابْنِ الْأُخْتِ فَعَرَفْنَا أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْجَدَّاتِ إنَّمَا ثَبَتَ شَرْعًا بِمُجَرَّدِ الِاسْمِ وَهُوَ «أَنَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَطْعَمَ الْجَدَّةَ السُّدُسَ» فَهَذِهِ طُعْمَةٌ أَطْعَمَ رَسُولُ اللَّهِ الْجَدَّاتِ بِهَذَا الِاسْمِ وَالْقُرْبَى وَالْبُعْدَى وَمَنْ يَدْخُلُ فِي نِسْبَتِهَا أَبٌ بَيْنَ ابْنَيْنِ وَمَنْ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَلَكِنَّا نَقُولُ مُجَرَّدُ الِاسْمِ يَثْبُتُ بِالرَّضَاعِ كَمَا يَثْبُتُ بِالنَّسَبِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ اسْتِحْقَاقُ الْمِيرَاثِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ مَعْنَى الْقُرْبِ وَالْإِدْلَاءِ وَمَنْ يُدْلِي مِنْهُنَّ بِعَصَبَةٍ، أَوْ صَاحِبَةِ فَرْضٍ يَكُونُ سَبَبُهُ أَقْوَى مِمَّنْ يُدْلِي بِمَنِّ لَيْسَ بِعَصَبَةٍ، وَلَا صَاحِبَةِ فَرْضٍ وَبِهَذَا الْإِدْلَاءِ تَثْبُتُ الْفَرِيضَةُ، وَفِي حَقِّ الْأُمِّ إنَّمَا تَثْبُتُ الْعُصُوبَةُ دُونَ الْفَرِيضَةِ وَبِالْإِدْلَاءِ بِالْأُنْثَى لَا تَثْبُتُ الْعُصُوبَةُ. فَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ أُمُّ الْأُمِّ تُدْلِي بِالْأُمِّ وَتَرِثُ بِمِثْلِ سَبَبِهَا وَهِيَ الْأُمُومَةُ فَتَقُومُ مَقَامَهَا عِنْدَ عَدَمِهَا كَالْجَدِّ أَبِ الْأَبِ فَإِنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ وَابْنُ الِابْنِ يَقُومُ مَقَامَ الِابْنِ عِنْدَ عَدَمِهِ.
وَإِذَا كَانَتْ الْأُمُّ تَرِثُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ الثُّلُثَ، وَفِي بَعْضِهَا السُّدُسَ فَكَذَلِكَ أُمُّ الْأُمِّ بِخِلَافِ الْأَخِ لِأُمٍّ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ يُدْلِي بِالْأُمِّ فَلَا يَرِثُ بِمِثْلِ سَبَبِهَا ثُمَّ كَمَا لَا يُزَاحِمُ أَحَدٌ مِنْ الْجَدَّاتِ الْأُمِّ فَكَذَلِكَ لَا يُزَاحِمُ أُمَّ الْأُمِّ شَيْءٌ مِنْ الْجَدَّاتِ فِي فَرِيضَةِ الْأُمِّ يُوَضِّحُهُ أَنَّ حَالَ الْمُدْلِي مَعَ الْمُدْلَى بِهِ كَحَالِ الْمُدْلَى بِهِ مَعَ الْمَيِّتِ وَالْمُدْلِي أُمُّ الْمُدْلَى بِهِ وَصَاحِبَةُ فَرْضٍ كَمَا أَنَّ الْمُدْلَى بِهِ أُمٌّ لِلْمَيِّتِ وَصَاحِبَةُ فَرْضٍ فَكَمَا أَنَّ مِيرَاثَ الْمُدْلِي مِنْ الْمَيِّتِ الثُّلُثُ فَكَذَلِكَ مِيرَاثُ الْمُدْلَى بِهِ، وَلَكِنَّا نَسْتَدِلُّ بِحَدِيثِ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَطْعَمَ الْجَدَّةَ السُّدُسَ» وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى الْجَدَّةَ السُّدُسَ»، وَقَدْ رَوَيْنَا فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَهِدَ عِنْدَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَطْعَمَ الْجَدَّةَ السُّدُسَ فَأَعْطَاهَا» أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَلِكَ وَرُوِيَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهَا كَانَتْ أُمَّ الْأُمِّ، ثُمَّ جَاءَتْ أُمُّ الْأَبِ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي خِلَافَتِهِ وَقَالَتْ مَا لِي مِنْ مِيرَاثِ ابْنِ ابْنَتِي فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا أَجِدُ لَك فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى شَيْئًا وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيك شَيْئًا وَأَرَاك غَيْرَ الْجَدَّةِ الَّتِي أَعْطَاهَا أَبُو بَكْرٍ وَلَسْت بِرَائِيك فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنَّ ذَلِكَ السُّدُسَ بَيْنَكُمَا، وَأَنَّهُ لِمَنْ انْفَرَدَ مِنْكُمَا فَتَبَيَّنَ بِهَذِهِ الْآثَارِ أَنَّهُ لَا يُزَادُ فِي فَرِيضَةِ الْجَدَّاتِ عَلَى السُّدُسِ فَالْجَدَّتَانِ فِي اسْتِحْقَاقِ السُّدُسِ سَوَاءٌ، وَهَذَا لِأَنَّ الْأَدِلَّاءَ بِالْأُنْثَى لَا يَكُونُ سَبَبًا لِاسْتِحْقَاقِ فَرِيضَةِ الْمُدْلَى بِهِ بِحَالٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute