للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِطْلَاقِ فِي حَقِّهِمْ، وَفِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُعَارِضُهُ السَّبَبُ الَّذِي لَا يَكُونُ ثَابِتًا فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُمْ لَا يَتَوَارَثُونَ بِالْأَنْكِحَةِ الَّتِي لَا تَتَحَقَّقَ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ كَنِكَاحِ الْمَحَارِمِ، وَإِنْ كَانَ لِتِلْكَ الْأَنْكِحَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ حُكْمُ الصِّحَّةِ حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِهَا اسْتِحْقَاقُ النَّفَقَةِ وَلَا يَسْقُطُ الْإِحْصَانُ بِاعْتِبَارِهَا وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {، وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: ١١] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: ١٢]، وَاَللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ الْوَصْفَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ مِنْ الْبِنْتِيَّةِ وَالْأُخْتِيَّةِ، وَقَدْ تَحَقَّقَ اجْتِمَاعُ هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ حَقِيقَةً وَحُكْمًا فَيَثْبُتُ لَهُ الِاسْتِحْقَاقُ بِهِمَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَفَرَّقَ ذَلِكَ فِي شَخْصَيْنِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ ابْنَ الْعَمِّ إذَا كَانَ زَوْجًا وَأَخًا لِأُمٍّ فَإِنَّهُ يَرِثُ بِالسَّبَبَيْنِ جَمِيعًا وَلَا مَعْنَى لِلْفَرْقِ الَّذِي قَالُوا فَإِنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْعُصُوبَةِ يَزِيدُ فِي فَرِيضَةِ شَخْصٍ هُوَ صَاحِبُ فَرْضٍ كَمَا أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْفَرْضِيَّةِ يَزِيدُ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ لَمَّا جَازَ أَنْ يَسْتَحِقَّ بِالْفَرْضِيَّةِ وَالْعُصُوبَةِ لِاجْتِمَاعِ السَّبَبَيْنِ فِي حَقِّهِ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ بِالْفَرْضِيَّةِ بِاعْتِبَارِ السَّبَبَيْنِ لِمَا اجْتَمَعَا فِي حَقِّهِ بِخِلَافِ الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ مَعَ الْأُخْتِ لِأَبٍ فَهُنَاكَ مَا اجْتَمَعَ سَبَبَانِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْأُخْتِيَّةُ وَبِقَرَابَةِ الْأُمِّ يَتَقَوَّى هَذَا السَّبَبُ وَلَا يَتَعَدَّدُ.

وَكَذَلِكَ الْجَدَّةُ فَالِاسْتِحْقَاقُ بِهَذَا الِاسْمِ، وَهُوَ أَنَّهَا جَدَّةٌ لَا يَزْدَادُ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ كَانَتْ جَدَّةً مِنْ جِهَتَيْنِ، فَأَمَّا هُنَا الِاسْتِحْقَاقُ بِالْبِنْتِيَّةِ وَالْأُخْتِيَّةِ وَالْأُمِّيَّةِ وَهَذِهِ الْأَسْبَابُ مُخْتَلِفَةٌ سَوَاءٌ اجْتَمَعَتْ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ أَوْ افْتَرَقَتْ فِي أَشْخَاصٍ وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِهِ شَخْصًا فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِاتِّحَادِ الشَّخْصِ لِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ، فَأَمَّا الْأَنْكِحَةُ فَنَقُولُ إنَّ تِلْكَ الْأَنْكِحَةَ لَيْسَتْ بِثَابِتَةٍ فِي حُكْمِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَا بَقَاءَ لَهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْأَنْسَابِ فَإِنَّهَا ثَابِتَةٌ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ حَتَّى إنَّهَا تَبْقَى بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَلَا تَنْقَطِعَ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْإِرْثِ لَا يَكُونُ بِنَفْسِ النِّكَاحِ بَلْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ مُطْلَقًا يَنْتَهِي بِالْمَوْتِ وَنِكَاحُ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ لَيْسَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَأَمَّا النَّسَبُ يَسْتَحِقُّ بِهَا الْمِيرَاثَ سَوَاءٌ كَانَ نَسَبُهُ فِي الْأَصْلِ حَرَامًا أَوْ حَلَالًا

(أَلَا تَرَى) أَنَّ النَّسَبَ إذَا ثَبَتَ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ يَسْتَحِقُّ بِهِ التَّوَارُثَ يُوَضِّحُهُ أَنَّ لِتِلْكَ الْأَنْكِحَةِ حُكْمَ الصِّحَّةِ بِاعْتِبَارِ اعْتِقَادِهِمْ وَاعْتِقَادُهُمْ مُعْتَبَرٌ فِيمَا يَكُونُ دَافِعًا عَنْهُمْ لَا فِيمَا يَكُونُ مُلْزَمًا بِغَيْرِهِمْ وَفِي الْإِرْثِ الِاسْتِحْقَاقُ يَثْبُتُ ابْتِدَاءً بِطَرِيقِ الصِّلَةِ فَاعْتِقَادُهُمْ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ بَقَاءِ الْإِحْصَانِ وَالنَّفَقَةِ فَكَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الدَّفْعِ عَنْهُمْ، وَقَدْ قَرَّرْنَا هَذَا الْفَرْقَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ

إذَا عَرَفْنَا هَذَا جِئْنَا إلَى بَيَانِ الْمَسَائِلِ فَنَقُولُ مَجُوسِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>