للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِذَا دَفَعَ الثُّلُثَيْنِ إلَى الِابْنِ هَلْ يُوجَدُ مِنْهُ الْكَفِيلُ؟ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ إذَا دَفَعَ الْمَالَ إلَى الْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ كَفِيلًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُحْتَاطُ فِي أَخْذِ الْكَفِيلِ مِنْهُ، وَقِيلَ بَلْ هُنَا يُحْتَاطُ فِي أَخْذِ الْكَفِيلِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ إنْ تَبَيَّنَ عَلَامَةَ الذُّكُورَةِ فِي الْخُنْثَى كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ مِمَّا أَخَذَهُ الِابْنُ فَيَحْتَاطُ لِحَقِّهِ بِأَخْذِ الْكَفِيلِ مِنْ الِابْنِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُجَوِّزْ أَبُو حَنِيفَةَ أَخْذَ الْكَفِيلِ لِلْمَجْهُولِ وَهُنَا إنَّمَا يُؤْخَذُ الْكَفِيلُ لِمَعْلُومٍ فَهُوَ طَرِيقٌ مُسْتَقِيمٌ يَصُونَ بِهِ الْقَاضِي قَضَاءَهُ وَيَنْظُرُ لِمَنْ هُوَ عَاجِزٌ عَنْ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ وَهُوَ الْخُنْثَى فَيَأْخُذُ مِنْ الِابْنِ كَفِيلًا لِذَلِكَ، فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْخُنْثَى ذَكَرٌ اسْتَرَدَّ ذَلِكَ مِنْ أَخِيهِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أُنْثَى فَالْمَقْبُوضُ سَالِمٌ لِلِابْنِ، وَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ الشَّعْبِيِّ فَقَدْ اخْتَلَفَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي الْقِسْمَةِ بَيْنَ الْخُنْثَى وَالِابْنِ الْمَعْرُوفِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قِيَاسُ قَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا لِلِابْنِ الْمَعْرُوفِ سَبْعَةٌ وَلِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ.

أَمَّا بَيَانُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى إنْ كَانَ ذَكَرًا فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَيُعْطِيهِ نِصْفَ كُلِّ حَالَةٍ فَاحْتَجْنَا إلَى حِسَابٍ يَنْقَسِمُ نِصْفُهُ نِصْفَيْنِ وَثُلُثُهُ نِصْفَيْنِ وَأَقَلُّ ذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ، فَإِنْ كَانَ الْخُنْثَى ذَكَرًا فَلَهُ السِّتَّةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلَهُ أَرْبَعَةٌ، وَإِمَّا أَنْ تَقُولَ لَهُ نِصْفُ أَرْبَعَةٍ وَهُوَ سَهْمَانِ وَنِصْفُ سِتَّةٍ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَلِلِابْنِ نِصْفُ ثَمَانِيَةٍ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفُ سِتَّةٍ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَيَكُونُ سَبْعَةً أَوْ تَقُولَ الثُّلُثُ مُتَيَقَّنٌ بِهِ لِلْخُنْثَى وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ النِّصْفِ وَذَلِكَ سَهْمَانِ يَثْبُتُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَيَنْتَصِفُ فَيَكُونُ لَهُ خَمْسَةٌ وَالْبَاقِي وَهُوَ سَبْعَةٌ لِلِابْنِ فَقَدْ فَسَّرَ مُحَمَّدٌ قَوْلَ الشَّعْبِيِّ بِهَذَا وَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ، وَأَمَّا بَيَانُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لِقَوْلِ الشَّعْبِيِّ أَنْ يَقُولَ الْخُنْثَى فِي حَالٍ ابْنٌ، وَفِي حَالٍ ابْنَةٌ فَالِابْنَةُ فِي الْمِيرَاثِ نِصْفُ الِابْنِ فَيُجْعَلُ لَهُ نِصْفُ كُلِّ حَالٍ فَيَكُونُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ ابْنٍ فَكَأَنَّهُ اجْتَمَعَ ابْنٌ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ ابْنٍ فَيُجْعَلُ لِكُلِّ رُبْعٍ مِنْ الِابْنِ سَهْمًا فَلِلِابْنِ الْكَامِلِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَلِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ ابْنٍ ثَلَاثَةٌ فَذَلِكَ سَبْعَةٌ أَوْ يَقُولُ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَكَأَنَّ الذَّكَرَ بِمَنْزِلَةِ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِحْدَى الْأُنْثَيَيْنِ فِي حَقِّ الْخُنْثَى مَعْلُومٌ وَالْأُنْثَى الْأُخْرَى ثَابِتَةٌ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَيَنْتَصِفُ فَيَكُونُ الْخُنْثَى بِمَنْزِلَةِ أُنْثَى وَنِصْفٍ.

وَلَوْ تُصُوِّرَ اجْتِمَاعُ ابْنَةٍ وَنِصْفٍ مَعَ ابْنَةٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ الْمَالُ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ لِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلِابْنَةِ وَنِصْفٍ ثَلَاثَةٌ فَهَاهُنَا أَيْضًا يُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ لِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ وَلِلِابْنَةِ وَنِصْفٍ ثَلَاثَةٌ، وَأَشَارَ فِي الْأَصْلِ إلَى رُجُوعِ أَبِي يُوسُفَ إلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>