للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثُّلُثِ فَيَكُونُ لَهُ فِي الْحَالِ نِصْفُ الْمَالِ وَلِلِابْنَةِ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي وَهُوَ السُّدُسُ لِلْعَصَبَةِ.

وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ مُتَرَدِّدٌ وَالْأَصْلُ فِي الْمَسَائِلِ اعْتِبَارُ الْأَحْوَالِ عِنْدَ التَّرَدُّدِ وَيَتَوَزَّعُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى الْأَحْوَالِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ وَالْعَتَاقِ الْمُبْهَمِ إذَا طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ الْأَرْبَعِ قَبْلَ الدُّخُولِ، ثُمَّ مَاتَ يَسْقُطُ نِصْفُ صَدَاقِهَا وَيَتَوَزَّعُ عَلَيْهِنَّ بِاعْتِبَارِ الْأَحْوَالِ، وَكَذَلِكَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُنَّ بِاعْتِبَارِ الْأَحْوَالِ فَكَذَلِكَ هُنَا يُعْتَبَرُ الْأَحْوَالُ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الِاشْتِبَاهَ هُنَا أَكْثَرُ وَالْحَاجَةُ إلَى اعْتِبَارِ الْأَحْوَالِ بِمَعْنَى الِاشْتِبَاهِ.

وَوَجْهُ قَوْلِهِمَا هُوَ أَنَّ اعْتِبَارَ الْأَحْوَالِ يَنْبَنِي عَلَى التَّيَقُّنِ بِالسَّبَبِ وَسَبَبُ اسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ الْفَرْضِيَّةُ وَالْعُصُوبَةُ وَلَا يُتَيَقَّنُ بِوَاحِدٍ مِنْ السَّبَبَيْنِ بِهَذَا الْمُشْكِلِ وَبِدُونِ التَّيَقُّنِ بِالسَّبَبِ لَا يُعْتَبَرُ الْأَحْوَالُ لَكِنْ لَا يُعْطَى إلَّا الْقَدْرَ الَّذِي يُتَيَقَّنُ بِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لَهُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَقَدْ تَيَقَّنَّا بِالسَّبَبِ الْمُسْقِطِ لِنِصْفِ الصَّدَاقِ هُنَاكَ وَبِالسَّبَبِ الْمُوجِبِ لِعِتْقِ رَقَبَتِهِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الشَّكُّ فِي الْمُسْتَحَقِّ كَذَلِكَ فَبَعْدَ التَّيَقُّنِ بِالسَّبَبِ يُصَارُ فِيهِ إلَى اعْتِبَارِ الْأَحْوَالِ.

وَلَوْ مَاتَ وَتَرَكَ وَلَدًا خُنْثَى وَعَصَبَةً، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ وَمِنْ الِاسْتِبَانَةِ الْبَوْلُ فَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ إحْدَى الْمَبَالَيْنِ فَالْحُكْمُ لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْهُمَا فَمِنْ أَيِّهِمَا أَسْبَقَ فَإِنْ خَرَجَا مَعًا فَفِيهِ اخْتِلَافٌ يَأْتِيك بَيَانُ هَذَا فِي كِتَابِ الْخُنْثَى، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ هُنَا فِي الْمِيرَاثِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا لَا يُعْطَى إلَّا مِيرَاثَ جَارِيَةٍ وَذَلِكَ نِصْفُ الْمَالِ وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ إمَّا لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْكُلَّ فِي حَالٍ وَالنِّصْفَ فِي حَالٍ فَيُعْطَى نِصْفَ الْكُلِّ وَنِصْفَ النِّصْفِ أَوْ لِأَنَّ النِّصْفَ اثْنَانِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يَثْبُتُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَيَتَنَصَّفُ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ، فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ مَعَ ذَلِكَ ابْنٌ مَعْرُوفٌ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ؛ لِأَنَّ أَسْوَأَ الْحَالِ لِلْخُنْثَى أَنْ يَكُونَ أُنْثَى وَتَكَلَّمُوا فِيمَا إذَا كَانَ الْخُنْثَى حَيًّا بَعْدَ تَوَهُّمِ أَنْ يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ فِي الثَّانِي أَنَّهُ كَيْفَ يُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ يُدْفَعُ الثُّلُثُ إلَى الْخُنْثَى وَالنِّصْفُ إلَى الِابْنِ وَيُوقَفُ السُّدُسُ كَمَا فِي الْحَمْلِ وَالْمَفْقُودِ فَإِنَّهُ يُوقَفُ نَصِيبُهُمَا إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ حَالُهُمَا، وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يُدْفَعُ ذَلِكَ إلَى الِابْنِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِهِ لِجَمِيعِ الْمَالِ وَهُوَ الْبُنُوَّةُ مَعْلُومٌ فَإِنَّمَا يُنْتَقَصُ مِنْ حَقِّهِ لِمُزَاحَمَةِ الْغَيْرِ وَالْخُنْثَى مَا زَاحَمَهُ إلَّا فِي الثُّلُثِ فَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ يَبْقَى مُسْتَحَقًّا لَهُ.

يُوَضِّحُهُ أَنَّا حَكَمْنَا بِكَوْنِ الْخُنْثَى أُنْثَى حِين أَعْطَيْنَاهُ الثُّلُثَ مَعَ الِابْنِ وَبَعْدَ مَا حَكَمْنَا بِالْأُنُوثَةِ فِي حَقِّهِ يُعْطَى الذَّكَرُ ضِعْفَ مَا يُعْطَى الْأُنْثَى وَبِهِ فَارَقَ الْحَمْلَ وَالْمَفْقُودَ فَإِنَّا لَمْ نَحْكُمْ فِيهَا بِشَيْءٍ مِنْ مَوْتٍ أَوْ حَيَاةٍ فَلِهَذَا يُوقَفُ نَصِيبُهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>