للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالسَّرِقَةِ لَا يَخْتَلِفُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، وَاشْتِبَاهُ حَالِهِ لَا يَمْنَعُ بِتَحَقُّقِ قَذْفِهِ مُوجِبًا لِلْحَدِّ عَلَيْهِ وَلَا تَحَقُّقِ سَرِقَتِهِ وَالسَّرِقَةِ مِنْهُ مُوجِبَ الْقَطْعِ، وَإِنْ قَذَفَهُ رَجُلٌ فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَجْنُونِ وَالرَّتْقَاءِ إذَا قَذَفَهَا رَجُلٌ، وَهَذَا لِأَنَّ الْقَاذِفَ يَسْتَوْجِبُ الْحَدَّ بِنِسْبَةِ الرَّجُلِ إلَى فِعْلٍ يُبَاشِرُهُ وَنِسْبَةِ الْمَرْأَةِ إلَى التَّمْكِينِ مِنْ فِعْلٍ يُبَاشِرُهُ غَيْرُهَا، وَمَعَ اشْتِبَاهِ أَمْرِهِ لَا يَتَقَدَّرُ السَّبَبُ وَلَا يَدْرِي أَنَّ قَاذِفَهُ إلَى أَيِّ فِعْلٍ نَسَبَهُ، فَإِنْ كَانَ نَسَبَهُ إلَى مُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ وَهُوَ امْرَأَةٌ كَانَ قَدْ نَسَبَهُ إلَى مُحَالٍ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَاذِفِ الرَّتْقَاءِ وَالْمَجْنُونِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ نَسَبَهُ إلَى التَّمْكِينِ وَهُوَ رَجُلٌ كَانَ قَدْ نَسَبَهُ إلَى مَا هُوَ قَاصِرٌ فِي حَقِّهِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْحَدِّ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ اشْتِبَاهِ الْأَمْرِ لَا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَى الْقَاذِفِ.

وَإِذَا قَطَعَ رَجُلٌ يَدَهُ أَوْ امْرَأَةٌ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْقَاطِعِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ يَخْتَلِفُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ لَا يَجْرِي الْقِصَاصُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَفِي الْأَطْرَافِ، فَإِنْ كَانَ الْقَاطِعُ رَجُلًا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ إذَا كَانَتْ هِيَ امْرَأَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْقَاطِعُ امْرَأَةً لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ إذَا كَانَ هُوَ رَجُلًا، فَعِنْدَ الِاشْتِبَاهِ يَتَمَكَّنُ فِيهِ الشُّبْهَةُ، وَالْقِصَاصُ عُقُوبَةٌ تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ وَبِهِ فَارَقَ الْقِصَاصَ فِي النَّفْسِ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ سَوَاءٌ قَتَلَهُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ كَانَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ لِتَيَقُّنِنَا بِوُجُوبِهِ وَتَقَرُّرِ سَبَبِهِ، وَلَوْ قَطَعَ هَذَا الْخُنْثَى يَدَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ وَلَكِنَّ الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ صَغِيرٌ لَمْ يَبْلُغْ فَعَمْدُهُ وَخَطَؤُهُ سَوَاءٌ، وَلَوْ صَلَّى بِغَيْرِ قِنَاعٍ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ لَمْ آمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّ أَسْوَأَ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ أُنْثَى وَالْمُرَاهِقَةُ إذَا صَلَّتْ بِغَيْرِ قِنَاعٍ لَا تُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ اسْتِحْسَانًا زَادَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَإِنْ كَانَ بَالِغًا فَصَلَّى بِغَيْرِ قِنَاعٍ أَمَرْته أَنْ يُعِيدَ، وَهَذَا بِطَرِيقِ الِاحْتِيَاطِ وَلَكِنْ لَا يُتَصَوَّرُ بَقَاؤُهُ مُشْكِلًا بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَإِنْ تُصُوِّرَ يُحْكَمُ بِهَذَا، وَأَكْرَهُ لَهُ أَنْ يَنْكَشِفَ قُدَّامَ الرِّجَالِ وَقُدَّامَ النِّسَاءِ إذَا كَانَ قَدْ رَاهَقَ حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ لِتَوَهُّمِ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً وَالْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ مَسْتُورَةٌ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَظَرَ الْمَرْأَةِ إلَى الْمَرْأَةِ كَنَظَرِ الرَّجُلِ إلَى ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ لَا كَنَظَرِ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَنَظَرِ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ لَجَازَ لِلْخُنْثَى التَّكَشُّفُ مِنْ النِّسَاءِ فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ التَّكَشُّفِ إبْدَاءَ مَوْضِعِ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لِغَيْرِ الْخُنْثَى أَيْضًا وَلَكِنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَكُونَا فِي إزَارٍ وَاحِدٍ وَفِي هَذَا الْفَصْلِ رِوَايَتَانِ بَيَّنَّاهُمَا فِي الِاسْتِحْسَانِ.

وَأَكْرَهُ أَنْ يَخْلُوَ بِهِ مَنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ لَهُ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَلَا لَا يَخْلُونَ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ مِنْهَا بِسَبِيلٍ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ» وَإِذَا خَلَى الْخُنْثَى بِرَجُلٍ فَمِنْ الْجَائِزِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ فَتَكُونُ هَذِهِ خَلْوَةُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>