كَجُلُوسِ الْمَرْأَةِ مَعْنَاهُ يُخْرِجُ رِجْلَيْهِ مِنْ جَانِبٍ وَيُفْضِي بِأَلْيَتَيْهِ إلَى الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى السِّتْرِ وَلِأَنَّ الرَّجُلَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَجْلِسَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْعُذْرِ، وَاشْتِبَاهُ الْحَالِ أَبْيَنُ الْأَعْذَارِ، وَيَكُونُ فِي الْجَمَاعَةِ خَلْفَ صَفِّ الرِّجَالِ وَأَمَامَ صَفِّ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الِاحْتِيَاطِ فِيهِ؛ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ رَجُلًا فَوُقُوفُهُ فِي صَفِّ النِّسَاءِ يُفْسِدُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً فَوُقُوفُهَا يُفْسِدُ صَلَاةَ مَنْ عَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ يَسَارِهَا وَمَنْ خَلْفَهَا مِنْ الرِّجَالِ بِحِذَائِهَا؛ لِأَنَّ الْمُرَاهِقَةَ فِي هَذَا كَالْبَالِغَةِ اسْتِحْسَانًا فَإِذَا وَقَفَ فِي صَفِّ الرِّجَالِ أَمَامَ صَفِّ النِّسَاءِ نَتَيَقَّنُ بِجَوَازِ صَلَاتِهِ وَصَلَاةِ جَمِيعِ الْقَوْمِ، فَإِنْ وَقَفَ فِي صَفِّ النِّسَاءِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَعْلُومٌ وَالسُّقُوطُ بِهَذَا الْأَدَاءِ مُشْتَبِهٌ وَالْأَخْذُ بِالِاحْتِيَاطِ فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ أَحَبُّ إلَيَّ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ وَهُوَ الْأَدَاءُ مَعْلُومٌ وَالْمُفْسِدُ وَهُوَ مُحَاذَاةُ الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ فِي صَلَاةٍ مُشْتَرَكَةٍ مَوْهُومٌ فَلِلتَّوَهُّمِ أُحِبُّ لَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ، وَإِنْ أَقَامَ فِي صَفِّ الرِّجَالِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ؛ لِأَنَّا نَتَيَقَّنُ بِجَوَازِ صَلَاتِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَيُعِيدُ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ سَجَدَاتِ صَلَاتِهِمْ وَالْمُرَادُ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ مُحَاذَاةَ الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ فِي حَقِّهِمْ مَوْهُومٌ وَمَبْنَى الْعِبَادَةِ عَلَى الِاحْتِيَاطِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَنْ يُعِيدُوا صَلَاتَهُمْ لِهَذَا.
وَإِنْ مَاتَ هَذَا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَعَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وُضِعَ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالْخُنْثَى خَلْفَهُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الْخُنْثَى اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْحَيَاةِ فَإِنَّ صَفَّ الرِّجَالِ أَقْرَبُ إلَى الْإِمَامِ مِنْ صَفِّ الْخَنَاثَى لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» فَقَدْ أَمَرَ بِأَنْ يُقَرَّبَ مِنْهُ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} [هود: ٣] وَلِلرِّجَالِ زِيَادَةُ دَرَجَةٍ عَلَى النِّسَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ جِنَازَةُ الرَّجُلِ أَقْرَبُ إلَى الْإِمَامِ مِنْ جِنَازَةِ النِّسَاءِ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ لِتَرَدُّدِ الْحَالِ فِيهِ تُجْعَلُ جِنَازَتُهُ خَلْفَ جِنَازَةِ الرَّجُلِ وَأَمَامَ جِنَازَةِ الْمَرْأَةِ، فَإِنْ دُفِنُوا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ مِنْ عُذْرٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ يَوْمَ أُحُدٍ أَنْ يُدْفَنَ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّهَدَاءِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَأَنْ يُجْعَلَ بَيْنَ كُلَّ مَيِّتِينَ حَاجِزٌ مِنْ التُّرَابِ» فَيُفْعَلُ كَذَلِكَ هُنَا وَيُوضَعُ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ ثُمَّ خَلْفَهُ الْخُنْثَى ثُمَّ خَلْفَهُ الْمَرْأَةَ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْقِبْلَةِ أَشْرَفُ فَيَكُونُ الرَّجُلُ بِالْقُرْبِ مِنْهُ أَحَقَّ.
(أَلَا تَرَى) فِي حَدِيثِ أُحُدٍ رُوِيَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِتَقْدِيمِ أَكْثَرِهِمْ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ إلَى جَانِبِ الْقِبْلَةِ» وَيُجْعَلُ بَيْنَ كُلِّ مَيِّتِينَ حَاجِزٌ مِنْ الصَّعِيدِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ فِي حُكْمِ قَبْرَيْنِ.
وَإِنْ قَذَفَ رَجُلًا بَعْدَ مَا بَلَغَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ أَوْ سَرَقَ مِنْهُ أُقِيمَ الْحَدُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِالْبُلُوغِ مُخَاطَبًا وَحَدُّ الْقَذْفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute