للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كُلُّ عَبْدٍ لِي حُرٌّ أَوْ قَالَ كُلُّ أَمَةٍ لِي حُرَّةٌ وَلَهُ مَمْلُوكٌ خُنْثَى لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ، وَإِنْ قَالَ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ تَيَقُّنِ الْجَمْعِ فَإِنَّ الْإِيجَابَ يَتَنَاوَلُهُ بِأَحَدِ اللَّفْظَيْنِ، وَعِنْدَ الِانْفِرَادِ بِأَحَدِ اللَّفْظَيْنِ لَا يُتَيَقَّنُ ذَلِكَ وَالرِّقُّ فِيهِ يَقِينٌ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ إنْ مَلَكْت عَبْدًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَاشْتَرَى الْخُنْثَى لَمْ تَطْلُقُ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا طَلُقَتْ بِشِرَاءِ الْخُنْثَى لِتَيَقُّنِنَا بِوُجُودِ الشَّرْطِ.

وَإِنْ قَالَ الْخُنْثَى أَنَا رَجُلٌ أَوْ قَالَ أَنَا امْرَأَةٌ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يُحَارِفُ عَمَّا يُخْبِرُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا يَعْلَمُ غَيْرُهُ.

وَيُكْرَهُ أَنْ تَجَسَّسَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَسْتَبِينَ أَمْرُهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَاهِقَ بِمَنْزِلَةِ الْبَالِغِ فِي وُجُوبِ سَتْرِ عَوْرَتِهِ، وَنَظَرُ الْجِنْسِ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ لَا يُبَاحُ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ فَسَوَاءٌ جَسَّسَهُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ يُتَوَهَّمُ نَظَرُ خِلَافِ الْجِنْسِ وَلَكِنْ يَشْتَرِي لَهُ جَارِيَةً عَالِمَةً بِذَلِكَ مِنْ مَالِهِ تَجَسَّسُهُ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهَا بِالشِّرَاءِ حَقِيقَةً فَإِنْ كَانَ الْخُنْثَى امْرَأَةً فَهَذَا نَظَرُ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ فَإِنْ كَانَ رَجُلًا فَهَذَا نَظَرُ الْمَمْلُوكَةُ إلَى مَالِكِهَا، قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ كَانَ مُعْسِرًا اشْتَرَى لَهُ الْإِمَامُ جَارِيَةً بِمَالِ بَيْتِ الْمَالِ فَتَجَسَّسُهُ ثُمَّ بَاعَهَا وَجَعَلَ ثَمَنَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ لَا يُخَالِفَانِ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا وَلَكِنَّهُ خَصَّ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ جَوَابَهُمَا ثُمَّ مَالُ بَيْتِ الْمَالِ مُعَدٌّ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا مِنْ جُمْلَتِهَا وَفِيهِ إقَامَةُ مَا هُوَ ظَهْرُهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ شَرْعًا فَيَكُونُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحَصِّلَ ذَلِكَ بِمَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يُزَوِّجُ امْرَأَةً خُنَاثَةً وَكَأَنَّ الشَّيْخَ الْإِمَامَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ إنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْ بِصِحَّةِ نِكَاحِهِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَمْرُهُ، وَلَكِنْ لَوْ فَعَلَ مَعَ هَذَا كَانَ مُسْتَقِيمًا؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى إنْ كَانَ امْرَأَةً فَهَذَا نَظَرُ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ وَالنِّكَاحُ لَغْوٌ، وَإِنْ كَانَ رَجُلًا فَهَذَا نَظَرُ الْمَنْكُوحَةِ إلَى زَوْجِهَا، وَإِنْ زَوَّجَهُ أَبُوهُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ رَجُلًا أَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً فَإِنَّ ذَلِكَ مَوْقُوفٌ لَا يُجِيزُهُ وَلَا يُبْطِلُهُ وَلَا يَتَوَارَثُ حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ. أَمَّا لَا نُبْطِلُهُ لِأَنَّ الْعَاقِدَ وَلِيٌّ وَلَا نُجِيزُهُ؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ بِمُصَادَفَةِ هَذَا الْعَقْدِ مَحَلَّهُ، وَلَا يَتَوَارَثُ؛ لِأَنَّ التَّوَارُثَ مِنْ حُكْمِ انْتِهَاءِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ بِالْمَوْتِ، وَإِنْ قُتِلَ خَطَأً قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ فَعَلَى قَوْلِ الشَّعْبِيِّ عَلَى الْقَاتِلِ نِصْفُ دِيَةِ الْمَرْأَةِ وَنِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ بِاعْتِبَارِ الْأَحْوَالِ، وَعِنْدَنَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاتِلِ وَعَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ الْقَاتِلَ مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى مُدَّعِي الزِّيَادَةِ إثْبَاتُهَا بِالْبَيِّنَةِ.

رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَامْرَأَةً وَوُلِدَ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ خُنْثَى فَمَاتَ الْخُنْثَى بَعْدَ أَبِيهِ فَادَّعَتْ أُمُّهُ أَنَّهُ كَانَ غُلَامًا يَبُولُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ الْغُلَامُ وَادَّعَى الِابْنُ أَنَّهُ كَانَ يَبُولُ مِنْ حَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>