تَبُولُ الْجَارِيَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي الزِّيَادَةَ فِي مِيرَاثِهَا مِنْهُ وَالِابْنُ مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَحْلَفُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْأُمِّ سَوَاءٌ أَقَامَتْ هِيَ وَحْدَهَا أَوْ أَقَامَا جَمِيعَ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ فِي حَقِّهَا وَالِابْنُ يَنْفِي بَيِّنَةَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ، وَلَوْ أَقَامَتْ الْأُمُّ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَيِّتَ زَوَّجَهُ هَذِهِ الصَّبِيَّةَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَنَّهَا كَانَتْ تَبُولُ مِنْ حَيْثُ تَبُولُ النِّسَاءُ وَطَلَبَ مِيرَاثَهُ مِنْهَا قَالَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ فِي بَيِّنَتِهِ زِيَادَةَ إثْبَاتٍ؛ فَإِنَّهُ يُثْبِتُ صِحَّةَ النِّكَاحِ وَالْمِيرَاثِ لِنَفْسِهِ فَكَانَتْ بَيِّنَتُهُ أَوْلَى بِالْقَبُولِ، ثُمَّ لِلْأُمِّ نَصِيبُهَا مِنْ الصَّدَاقِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُقَالُ هِيَ تُنْكِرُ وُجُوبَ الصَّدَاقِ فَكَيْفَ تَأْخُذُ نَصِيبَهَا مِنْهُ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُكَذَّبَةً فِيمَا زَعَمَتْ فِي الْحُكْمِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ زَعْمَ الزَّاعِمِ يَسْقُطُ اعْتِبَارُهُ إذَا جَرَى الْحُكْمُ بِخِلَافِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ يَبُولُ مِنْ الْمَبَالِ الَّذِي ادَّعَاهُ وَلَمْ يَكُنْ يَبُولُ مِنْ الْمَبَالِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يَكُنْ يَبُولُ نَفْيٌ وَالشَّهَادَةُ بِلَفْظِ النَّفْيِ لَا تَكُونُ مَقْبُولَةً فَوُجُودُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ كَعَدَمِهَا.
وَلَوْ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا إيَّاهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَأَمْهَرَهَا عَنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّهُ كَانَ غُلَامًا يَبُولُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ الْغُلَامُ خَاصَّةً وَأَقَامَتْ الْأُمُّ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ يَبُولُ مِنْ حَيْثُ تَبُولُ النِّسَاءُ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ إثْبَاتِ الزِّيَادَةِ وَهُوَ أَصْلُ النِّكَاحِ وَالْمَهْرِ وَالْمِيرَاثِ، وَكَذَلِكَ لَوْ صَدَّقَتْهَا الْأُمُّ فِيمَا ادَّعَتْ وَأَقَامَ الِابْنُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ جَارِيَةً فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ لِمَا بَيَّنَّا، وَلَوْ أَقَامَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَأَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا وَصَفْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ وَهُوَ إثْبَاتُ الصَّدَاقِ فَتَتَرَجَّحُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا فِي إثْبَاتِ النِّكَاحِ وَالْمِيرَاثِ وَفِي بَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ زِيَادَةٌ وَهُوَ إثْبَاتُ الصَّدَاقِ فَتَتَرَجَّحُ لِذَلِكَ، وَإِنْ وَقَعَتْ الْبَيِّنَتَانِ فِي وَقْتَيْنِ فَالْوَقْتُ الْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ يُثْبِتُ عَقْدَهُ وَحْدَهُ فِي الْخُنْثَى فِي وَقْتٍ لَا يُنَازِعُهُ غَيْرُهُ فِيهِ وَبَعْدَ مَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ الْأَوَّلِ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ تَصِيرُ الْبَيِّنَةُ الثَّانِيَةُ مُحَالًا، وَإِنْ كَانَ الْخُنْثَى حَيًّا أَبْطَلْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَلَمْ أَقْضِ بِشَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِي حَالِ حَيَاتِهِ الْمَقْصُودُ هُوَ الْحِلُّ وَقَدْ تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ فِيهِ وَانْتَفَتَا لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ الْوَاحِدُ زَوْجًا وَزَوْجَةً بِخِلَافِ مَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْعَقْدُ قَدْ ارْتَفَعَ هُنَاكَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْمَهْرُ وَالْمِيرَاثُ فَصِرْنَا إلَى التَّرْجِيحِ بِإِثْبَاتِ الزِّيَادَةِ، وَهُوَ نَظِيرُ أُخْتَيْنِ ادَّعَيَا نِكَاحَ رَجُلٍ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ قُضِيَ لَهُمَا بِالْمِيرَاثِ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ حَيًّا لَكَانَ يُبْطِلُ الْبَيِّنَتَيْنِ إذَا لَمْ يُوَقِّتَا.
وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى رَجُلَانِ نِكَاحَ امْرَأَةٍ فَهُوَ عَلَى هَذَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute