لَيْسَ بِسَبَبٍ مُتَجَدِّدٍ لِإِثْبَاتِ مِلْكِ الْوَارِثِ، ثُمَّ يَقُولُ الْمُدَّعِي يَدَّعِي عَلَى الْمُشْتَرِي وُجُوبَ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ إلَيْهِ وَأَنَّهُ غَاصِبٌ فِي أَخْذِهِ وَمَنْعِهِ مِنْهُ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْهُ كَانَ الِاسْتِحْلَافُ عَلَى الثَّبَاتِ فَهُنَا كَذَلِكَ أَيْضًا وَهَكَذَا يَقُولُ فِي الْوَارِثِ إذَا أَخَذَ عَيْنَ التَّرِكَةِ فَادَّعَى إنْسَانٌ أَنَّ الْعَيْنَ مِلْكُهُ يُسْتَحْلَفُ عَلَى الثَّبَاتِ لِهَذَا الْمَعْنَى وَهَذَا لِأَنَّ أَصْلَ الِاسْتِحْلَافِ عَلَى الثَّبَاتِ، وَإِنَّمَا الْيَمِينُ عَلَى الْعِلْمِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْخَصْمِ فِي مَوْضِعٍ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى الثَّبَاتِ، وَلَمَّا كَانَ الشِّرَاءُ مِنْ ذِي الْيَدِ شَيْئًا مُوجِبًا لِلْمِلْكِ لَهُ كَانَ ذَلِكَ مُطْلَقًا لَهُ الْيَمِينُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي فَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِحْلَافِهِ، قَالَ وَالْبَرَاءَةُ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ جَائِزَةٌ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ بَاعَ عَبْدًا لَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِالْبَرَاءَةِ فَطَعَنَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ فَخُوصِمَ إلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ يَمِينُك مَا بِعْتَهُ وَبِهِ عَيْبٌ عَلِمْتَهُ وَكَتَمْتَهُ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَصَلُحَ عِنْدَهُ فَبَاعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ بَاعَ بِالْبَرَاءَةِ وَعَنْ شُرَيْحٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ حَتَّى يُسَمِّيَ كُلَّ عَيْبٍ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَا يَبْرَأُ حَتَّى يُسَمِّيَ الْعُيُوبَ بِأَسْمَائِهَا وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ وَالصُّلْحِ وَفِيهَا حِكَايَةٌ قَالَ: إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَابْنَ أَبِي لَيْلَى اجْتَمَعَا فِي مَجْلِسِ أَبِي جَعْفَرٍ الدَّوَالِقِيِّ فَأَمَرَهُمَا بِالْمُنَاظَرَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَكَانَ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ حَتَّى يَرَى الْمُشْتَرِي مَوْضِعَ الْعَيْبِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَرَأَيْتَ لَوْ بَاعَ جَارِيَةً حَسْنَاءَ فِي مَوْضِعِ الْمَأْتِيِّ مِنْهَا عَيْبٌ أَكَانَ يَحْتَاجُ الْبَائِعُ إلَى كَشْفِ عَوْرَتِهَا لِيُرِيَ الْمُشْتَرِيَ ذَلِكَ الْعَيْبَ،.
أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ بَعْضَ حَرَمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَاعَ غُلَامًا حَبَشِيًّا عَلَى رَأْسِ ذَكَرِهِ بَرَصٌ أَكَانَ يَحْتَاجُ إلَى كَشْفِ ذَلِكَ لِيُرِيَهُ الْمُشْتَرِيَ فَمَا زَالَ يُشَنِّعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ هَذَا حَتَّى أَفْحَمَهُ وَضَحِكَ الْخَلِيفَةُ فَجَعَلَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ: يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُسَمِّيَ الْعُيُوبَ بِأَسْمَائِهَا لِأَنَّ صِفَةَ الْمَبِيعِ وَمَاهِيَّتَهُ إنَّمَا تَصِيرُ مَعْلُومَةً بِتَسْمِيَةِ مَا بِهِ مِنْ الْعُيُوبِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْعُيُوبِ إسْقَاطٌ لِلْحَقِّ وَالْمُسْقِطُ يَكُونُ مُتَلَاشِيًا فَالْجَهَالَةُ لَا تَمْنَعُ صِحَّتَهُ، ثُمَّ الْبَائِعُ بِهَذَا الشَّرْطِ يُمْنَعُ مِنْ الْتِزَامِ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَرُبَّمَا يَلْحَقُهُ الْجَرْحُ فِي تَسْمِيَةِ الْعُيُوبِ وَالْجَرْحُ مَدْفُوعٌ وَأَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنَّهُ يُمْكِنُ جَهَالَةً فِي الصِّفَةِ بِتَرْكِ تَسْمِيَةِ الْعُيُوبِ وَلَكِنَّ الْبَائِعَ يُلَاقِي الْعَيْنَ دُونَ الصِّفَةِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ عَنْ الْعُيُوبِ وَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْجَهَالَةِ لِكَوْنِهِ إسْقَاطًا.
وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ قَدْ حَلَّ فَأَخَّرَهُ عَنْهُ إلَى أَجَلٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ عِنْدَنَا وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْأَجَلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute