مِنْ أَمَتِهِ فَأَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَنَّ أَحَدَهُمَا ابْنُهُ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَنَا وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ.
وَكَذَلِكَ الْأَمَتَانِ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ يَثْبُتُ نَسَبُ أَحَدِهِمَا وَيُوَرِّثُهُمَا مِيرَاثَ ابْنٍ وَاحِدٍ وَيُوجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السِّعَايَةَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِأَنَّ النَّسَبَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الدَّفْعَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فَالْإِقْرَارُ بِهِ لِلْمَجْهُولِ صَحِيحٌ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِعِتْقِ أَحَدِ عَبْدَيْهِ أَوْ طَلَاقِ أَحَدِ الْمَرْأَتَيْنِ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُعْتِقُ أَحَدَهُمَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِاتِّفَاقٍ وَثُبُوتُ الْحُرِّيَّةِ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَهُوَ إنَّمَا أَقَرَّ بِالنَّسَبِ فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ لَمْ تَثْبُتْ الْحُرِّيَّةُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ قَدْ يَخْتَلِطُ وَلَدُهُ بِوَلَدِ أَمَتِهِ فَلَا يُعْرَفُ وَلَدُهُ الَّذِي هُوَ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُ مِنْ وَلَدِ أَمَتِهِ فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ مَعَ هَذِهِ الْجَهَالَةِ أَدَّى إلَى إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِهِ وَلَكِنَّا نَقُولُ النَّسَبُ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ، وَمَا لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ لَا يَصِحُّ إيجَابُهُ فِي الْمَجْهُولِ كَالنِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَهَذَا لِأَنَّ الْإِيجَابَ فِي الْمَجْهُولِ بِمَنْزِلَةِ التَّعْلِيقِ بِخَطَرِ الْبَيَانِ وَالنَّسَبُ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِسَائِرِ الْأَخْطَارِ فَكَذَلِكَ بِخَطَرِ الْبَيَانِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ إلَّا أَنَّ إقْرَارَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي حَقِّ النَّسَبِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّ الْعِتْقِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَقَرَّ لِمَنْ هُوَ مَعْرُوفُ النَّسَبِ مِنْ الْغَيْرِ أَنَّهُ ابْنُهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي حَقِّ النَّسَبِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّ الْعِتْقِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَقَرَّ لِمَنْ هُوَ مَعْرُوفُ النَّسَبِ مِنْ الْغَيْرِ أَنَّهُ ابْنُهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي حَقِّ النَّسَبِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّ الْعِتْقِ تَمَيُّزُ أَحَدِهِمَا بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَهُوَ عِتْقٌ فِي الصِّحَّةِ فَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ.
وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى لَمَّا ثَبَتَ نَسَبُ أَحَدِهِمَا ثَبَتَ الْعِتْقُ أَيْضًا وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَيَرِثَانِ مِيرَاثَ ابْنٍ وَاحِدٍ لِثُبُوتِ نَسَبِ أَحَدِهِمَا وَاعْتَبَرَا هَذَا بِوَلَدِ جَارِيَةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَاهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ فَإِنَّهُمَا يَرِثَانِهِ مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ نَقُولَ هُنَاكَ هُوَ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَهُوَ ابْنُهُمَا يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ وَهُنَا لَا نَقُولُ بِأَنَّ نَسَبَهُمَا ثَابِتٌ مِنْهُ وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ نَسَبِ أَحَدِهِمَا بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَالْمِيرَاثُ لَا يَكُونُ قَبْلَ ثُبُوتِ النَّسَبِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ فِي مَعْرُوفِ النَّسَبِ وَإِنْ ثَبَتَ الْعِتْقُ بِإِقْرَارِهِ لَا يَثْبُتُ الْمِيرَاثُ فَكَذَلِكَ هُنَا قَالَ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لَا يُوَرِّثُ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ شَيْئًا وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ.
وَإِذَا اشْتَرَكَ الرَّجُلَانِ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ وَلِأَحَدِهِمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِلْآخَرِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَعِنْدَنَا هَذِهِ لَيْسَتْ بِمُفَاوَضَةٍ لَكِنَّهَا عَنَانٌ عَامٌّ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى هِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute