للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ غَيْرَ هَذَا الدَّيْنِ مِمَّا كَانَ وَاجِبًا لَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ مَا بَرِئَ مِنْ ذَلِكَ بِهَذَا الشِّرَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ غَيْرَهُ مِمَّا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا الشِّرَاءِ فَهُوَ لَا يَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ بِهَذَا الشِّرَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ غَيْرَهُ مِمَّا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَهُوَ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَى ذَلِكَ كَتَبَ هَذَا أَوْ لَمْ يَكْتُبْ فَلَا فَائِدَةَ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَلَكِنْ جَرَى الرَّسْمُ بِكَتْبِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ لِطُمَأْنِينَةِ الْقُلُوبِ.

وَإِذَا كَانَ الشِّرَاءُ مِنْ وَكِيلٍ كَتَبَ كِتَابَ الْوَكَالَةِ وَشَهَادَةَ الشُّهُودِ عَلَيْهَا عَلَى حِدَةٍ وَكَتَبَ كِتَابَ الشِّرَاءِ مِنْ الْوَكِيلِ بِاسْمِهِ مُجَرَّدًا وَجَعَلَ تَارِيخَهُ بَعْدَ تَارِيخِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ فَإِنَّ كِتَابَ الْوَكَالَةِ حُجَّةُ الْوَكِيلِ مِنْ وَجْهٍ وَكِتَابُ الشِّرَاءِ وَثِيقَةٌ لِلْمُشْتَرِي فَيَنْبَغِي أَنْ يُفْصَلَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَإِنْ كَتَبَ الْكُلَّ فِي بَيَاضٍ وَاحِدٍ وَبَدَأَ بِكِتَابِ الْوَكَالَةِ ثُمَّ بِكِتَابِ الشِّرَاءِ فَهُوَ مُسْتَقِيمٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُمَا بِذَلِكَ يَحْصُلُ، وَإِنَّمَا يَجْعَلُ تَارِيخَ كِتَابِ الشِّرَاءِ بَعْدَ تَارِيخِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْبَيْعِ تَنْبَنِي عَلَى صِحَّةِ الْوَكَالَةِ، وَإِنَّمَا يَكْتُبُ كِتَابَ الشِّرَاءِ مِنْ الْوَكِيلِ بِاسْمِهِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ لِنَفْسِهِ فِيمَا هُوَ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ عِنْدَ لُحُوقِ الْعُهْدَةِ إنَّمَا يُخَاصِمُ الْمُشْتَرِي الْوَكِيلَ خَاصَّةً وَلَا حَاجَةَ إلَى حَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ وَكِيلًا مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي فِي بَيْعِ مَالِ الْمَيِّتِ أَوْ كَانَ وَصِيًّا لِمَيِّتٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ وَكِيلَ الْقَاضِي تَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ وَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ وَالْوَصِيُّ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ نَائِبٌ عَنْ الْمَيِّتِ فِي هَذَا التَّوْكِيلِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ تَوْكِيلِ الْمَيِّتِ إيَّاهُ فِي حَيَاتِهِ، وَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ يَكْتُبُ اشْتَرَى مِنْهُ الدَّارَ الَّتِي فِي بَنِي فُلَانٍ وَلَا يَنْسُبُ الدَّارَ إلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّ نِسْبَتَهَا إلَى الْعَاقِدِ تَكُونُ كَذِبًا فِي الْحَقِيقَةِ وَإِلَى غَيْرِهِ لَا يَكُونُ مُسْتَقِيمًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجُزْ ذِكْرُ غَيْرِهِ فِي كِتَابِ الشِّرَاءِ.

وَإِذَا هَلَكَ صَكُّ الشِّرَاءِ فَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا آخَرَ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابَ الشِّرَاءِ كَمَا وَصَفْنَا وَيَكْتُبَ فِي آخِرِهِ وَقَدْ كُنْت كَتَبْت لَك هَذِهِ الدَّارَ شِرَاءً مِنِّي فِي صَكٍّ فَهَلَكَ ذَلِكَ وَسَأَلْتَنِي أَنْ أَشْهَدَ لَك عَلَى شِرَائِك هَذِهِ الدَّارِ مِنِّي فَكَتَبْتُ لَك هَذَا الْكِتَابَ وَأَشْهَدْتُ لَك عَلَيْهِ الشُّهُودَ الْمُسَمَّيْنَ فِي هَذَا الْكِتَابِ.

وَإِذَا ضَمِنَ رَجُلٌ لِلْمُشْتَرِي مَا أَدْرَكَهُ فِي الدَّارِ مِنْ دَرَكٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَعَلَى الضَّامِنِ رَدُّ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ الْبَائِعُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانُ قِيمَةِ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ سَمَّى لَهُ فِي الضَّمَانِ الدَّرَكَ وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ لَيْسَ بِضَمَانٍ فِي شَيْءٍ، فَإِنْ صَرَّحَ بِهِ فِي الضَّمَانِ كَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهِ، وَإِنْ ذَكَرَ الدَّرَكَ خَاصَّةً لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِضَمَانِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ رُجُوعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ إنَّمَا يَكُونُ بِسَبَبِ الْغُرُورِ، وَضَمَانُ الْغُرُورِ بِمَنْزِلَةِ ضَمَانِ الْعَيْبِ وَالْكَفِيلُ بِالدَّرَكِ لَا يَلْحَقُهُ شَيْءٌ بِسَبَبِ الْعَيْبِ فَكَذَلِكَ لَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَلِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>