السَّفَرَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يَخْرُجُ إلَيْهِ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ وَصَحَّ نِيَّةُ التَّخْصِيصِ فِيهِ.
وَقَالَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى: إذَا أَقَرَّ بِنَسَبِ غُلَامٍ صَغِيرٍ فَجَاءَتْ أُمُّ الصَّغِيرِ بَعْدَ مَوْتِهِ تَطْلُبُ مِيرَاثَ الزَّوْجَاتِ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالنَّسَبِ يَقْتَضِي الْفِرَاشَ بَيْنَ الْمُقِرِّ وَبَيْنَ أُمِّ الصَّغِيرِ، فَجُعِلَ الثَّابِتُ بِمُقْتَضَى كَلَامِهِ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ، وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُقْتَضَى لَا عُمُومَ لَهُ وَأَنَّ نِيَّةَ التَّخْصِيصِ فِيمَا ثَبَتَ بِمُقْتَضَى الْكَلَامِ لَا تَكُونُ صَحِيحَةً حَتَّى إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أَوْ لَا يَشْرَبُ وَنَوَى طَعَامًا بِعَيْنِهِ أَوْ شَرَابًا بِعَيْنِهِ لَمْ تُعْتَبَرْ نِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ فِعْلُ الْأَكْلِ، فَأَمَّا الْمَأْكُولُ ثَابِتٌ بِمُقْتَضَى كَلَامِهِ وَثُبُوتُ الْمُقْتَضَى لِلْحَاجَةِ إلَى تَصْحِيحِ الْكَلَامِ؛ وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ فِي مَوْضِعٍ يَصِحُّ الْكَلَامُ بِدُونِهِ، وَالثَّابِتُ بِالْحَاجَةِ لَا يَعْدُو مَوْضِعَ الْحَاجَةِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ الْعُمُومِ لِلْمُقْتَضَى، وَلَا إلَى جَعْلِهِ كَالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِيمَا وَرَاءَ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْمُسَاكَنَةِ فَهُنَاكَ نِيَّةُ التَّخْصِيصِ فِي الْمَكَانِ لَا تَعْمَلُ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ قَالَ: عَنَيْت بِهِ الْمُسَاكَنَةَ فِي بَيْتٍ بِعَيْنِهِ لَا يُعْمَلُ بِنِيَّتِهِ، وَلَكِنْ إنَّمَا يُعْمَلُ بِنِيَّتِهِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى إكْمَالِ الْمَنْصُوصِ فَالْمُسَاكَنَةُ تَكُونُ تَارَةً فِي بَلَدِهِ وَتَارَةً فِي مَحِلِّهِ وَتَارَةً فِي دَارٍ وَأَيًّا مَا كَانَ مِنْ الْمُسَاكَنَةِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَهُوَ إنَّمَا نَوَى صِفَةَ الْكَمَالِ فِي الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ؛ فَلِهَذَا يُعْمَلُ بِنِيَّتِهِ، وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْخُرُوجِ لَا نَقُولُ بِنِيَّتِهِ فِي تَخْصِيصِ الْمَكَانِ حَتَّى لَوْ نَوَى الْخُرُوجَ إلَى بَغْدَادَ لَا يُعْمَلُ بِنِيَّتِهِ، فَإِذَا نَوَى السَّفَرَ، فَإِنَّمَا نَوَى نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْخُرُوجِ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ أَنْوَاعٌ شَرْعًا خُرُوجٌ لِلسَّفَرِ وَلِمَا دُونَ السَّفَرِ، وَإِنَّمَا اخْتِلَافُهُمَا بِاخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ، فَإِنَّمَا يُعْمَلُ بِنِيَّتِهِ فِي تَنَوُّعِ الْخُرُوجِ فِي لَفْظِهِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْفِعْلِ كَذِكْرِ الْمَصْدَرِ، وَفِي مَسْأَلَةِ النَّسَبِ الْفِرَاشُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ثَبَتَ بِمُقْتَضَى كَلَامِهِ، وَلَكِنْ مَا ثَبَتَ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ يَثْبُتُ حُكْمُهُ، وَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ كَالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ كَالْبَيْعِ الثَّابِتِ فِي قَوْلِهِ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ يَثْبُتُ حُكْمُهُ، وَهُوَ مِلْكُ الْبَدَلَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ ذَلِكَ كَالْبَيْعِ الْمُصَرَّحِ بِهِ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ شَيْئًا هُوَ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ لَفْظِهِ أَوْ يَكُونَ رَاجِعًا إلَى تَخْصِيصِ مَا فِي لَفْظِهِ حَتَّى يَكُونَ عَامِلًا وَأَسْهَلُ طَرِيقٍ قَالُوا فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْأَيْمَانِ: إنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَالَ لَهُ: قُلْ وَاَللَّهِ؛ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: هُوَ اللَّهُ فَدَغَمَ الْهَاءَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَفْطِنُ بِهِ الْقَاضِي ثُمَّ يَمْضِي فِي كَلَامِهِ إلَى آخِرِهِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ يَمِينًا وَلَا يَأْثَمُ بِهِ إذَا كَانَ مَظْلُومًا.
وَإِذَا أَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْوَرَثَةِ أَمْوَالَهُمْ، وَيَكْتُبَ عَلَيْهِمْ الْبَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ أَيُّهُمَا أَوْثَقُ لَهُ أَنْ يُسَمِّيَ مَا جَرَى عَلَى يَدِهِ، وَمَا أَعْطَاهُمْ أَوْ لَا يُسَمِّي قَالَ: الْأَوْثَقُ لَهُ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute