للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَّا أَنَّهُمَا لَوْ قَصَدَا الِاسْتِهْجَانَ عِوَضًا بِالْحِرْمَانِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْحِلُّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ قَتَلَ مُورِثَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ.

وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ إنْ خَطَبْت فُلَانَةَ أَوْ تَزَوَّجْتهَا فَأَجَازَتْ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَهُ أَنْ يَخْطُبَهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ إذَا دَخَلَ حَرْفُ أَوْ بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ فَيَكُونُ الثَّابِتُ أَحَدَهُمَا، وَتَتَحَلَّلُ الْيَمِينُ بِوُجُوبِ أَحَدِ الشَّرْطَيْنِ، فَإِنْ خَطَبَهَا أَوَّلًا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَهِيَ لَيْسَتْ فِي نِكَاحِهِ فَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَمِينَ فَلَا تَطْلُقُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ إنْ قَبَّلْتهَا أَوْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَقَبَّلَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ تَطْلُقْ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَهَا ثُمَّ بَلَغَهَا فَأَجَازَتْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ هُنَا شَرْطُ التَّزَوُّجِ وَإِتْمَامُ ذَلِكَ بِإِجَازَتِهَا وَهِيَ عِنْدَ تَمَامِ الشَّرْطِ فِي نِكَاحِهِ فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ قَبَّلْتهَا أَوْ تَزَوَّجْتهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ يُقَبِّلَهَا وَتَبَيَّنَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ قَالَ إنْ خَطَبْت فُلَانَةَ فَهِيَ كَذَا أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ خَطَبْتهَا فَهِيَ كَذَا أَنَّ يَمِينَهُ لَا تَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ الْخِطْبَةَ غَيْرُ الْعَقْدِ، وَهِيَ تَسْبِقُ الْعَقْدَ فَلَا يَكُونُ هُوَ بِهَذَا اللَّفْظِ مُضِيفًا الطَّلَاقَ إلَى الْمِلْكِ، وَهَذَا فِي لِسَانِ الْعَرَبِيَّةِ، فَإِنْ عَقَدَ يَمِينَهُ بِلِسَانِ الْفَارِسِيَّةِ فَقَالَ: " أكر فُلَانَة رَابِحُوا همه مَا هُوَ دى لَهُ بَحْرَاهُمْ "، فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَكُونُ هَذَا اللَّفْظُ يُفْهِمُ غَيْرَ الْخِطْبَةِ لَا يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ أَيْضًا هَكَذَا الْعُرْفُ بِخُرَاسَانَ، وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ فَأَمَّا فِي هَذِهِ الدِّيَارِ، فَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهَذَا اللَّفْظِ التَّزَوُّجَ فَيَنْعَقِدُ الْيَمِينُ إذَا كَانَ مُرَادُهُ هَذَا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا تَزَوَّجَهَا.

رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ بِالْكُوفَةِ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ وَكِيلٌ لَهُ بِالْكُوفَةِ فَهُوَ حَانِثٌ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالنِّكَاحِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ حَتَّى لَا يَسْتَغْنِيَ عَنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ فَمُبَاشَرَةُ الْوَكِيلِ لَهُ كَمُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ فِي حَقِّ الْحِنْثِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي شَيْئًا بِالْكُوفَةِ فَاشْتَرَى لَهُ وَكِيلُهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي الشِّرَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ وَيَتَعَلَّقُ حُقُوقُ الْعَقْدِ بِهِ ثُمَّ الْحِيلَةُ فِي مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ: أَنْ تُوَكِّلَ الْمَرْأَةُ وَكِيلًا يُزَوِّجُهَا مِنْهُ ثُمَّ يَخْرُجَ الْوَكِيلُ وَالزَّوْجُ إلَى الْحِيرَةِ أَوْ غَيْرِهَا بَعْدَ أَنْ يَخْرُجَا مِنْ أَبْيَاتِ الْكُوفَةِ ثُمَّ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا بِالْكُوفَةِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْمُقِيمَ بِالْكُوفَةِ إذَا خَرَجَ مِنْ أَبْيَاتِ الْكُوفَةِ عَلَى قَصْدِ السَّفَرِ كَانَ مُسَافِرًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فَعَرَفْنَا أَنَّ التَّزَوُّجَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لَا يَكُونُ تَزْوِيجًا بِالْكُوفَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ تَوْكِيلَهَا لِئَلَّا تُبْتَلَى بِالْخُرُوجِ مَعَ غَيْرِ الْمَحْرَمِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ.

رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ قَدْ أَذِنْت لَك أَنْ تَتَزَوَّجَ كُلَّ أَمَةٍ تَشْتَرِيهَا فَاشْتَرَى الْعَبْدُ أَمَةً فَتَزَوَّجَهَا بِبَيِّنَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ مَا اشْتَرَاهَا صَارَتْ مَمْلُوكَةً لِلْمَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>