فَالطُّهْرُ الصَّحِيحُ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنْ لَا يُنْتَقَصَ عَنْ أَدْنَى مُدَّتِهِ، وَأَنْ لَا تُصَلِّيَ الْمَرْأَةُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِالدَّمِ فَإِنْ صَلَّتْ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ بِالدَّمِ ثُمَّ كَانَ الطُّهْرُ بَعْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ أَكْثَرَ فَهَذَا صَالِحٌ لِجَعْلِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الدَّمِ حَيْضًا غَيْرَ صَالِحٍ لِنَصْبِ الْعَادَةِ بِهِ، وَإِنْ صَلَّتْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِالدَّمِ ثُمَّ كَانَ الطُّهْرُ بَعْدَهُ دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَهُوَ غَيْرُ صَالِحٍ لِنَصْبِ الْعَادَةِ، وَلَا يَجْعَلُ مَا بَعْدَهُ حَيْضًا، وَالدَّمُ الصَّحِيحُ أَنْ لَا يُنْتَقَصَ عَنْ أَدْنَى مُدَّتِهِ، وَأَنْ يَكُونَ بَيْنَ طُهْرَيْنِ كَامِلَيْنِ وَبَيَانُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ عَشَرَةً وَفِي الطُّهْرِ عِشْرِينَ فَرَأَتْ الدَّمَ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ طَهُرَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ.
فَنَقُولُ: عَشَرَةٌ مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ حَيْضَهَا وَالْيَوْمُ الْحَادِيَ عَشَرَ أَوَّلُ طُهْرِهَا فَتُصَلِّي فِيهِ بِالدَّمِ ثُمَّ الطُّهْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَقَدْ جَاءَ الِاسْتِمْرَارُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ زَمَانِ طُهْرِهَا أَرْبَعَةٌ فَتُصَلِّي هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ ثُمَّ تَتْرُكُ عَشَرَةً وَتُصَلِّي عِشْرِينَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ طُهْرٍ خَمْسَةَ عَشَرَ رَأَتْ خَمْسَةً دَمًا ثُمَّ طَهُرَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ تَكُونُ حَيْضًا لَهَا؛ لِأَنَّهُ مَرْئِيٌّ عَقِيبَ طُهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيُمْكِنُ جَعْلُهُ حَيْضًا، وَلَكِنْ لَا تَنْتَقِلُ عَادَتُهَا فِي الطُّهْرِ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ الْأَوَّلَ قَدْ صَلَّتْ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ بِالدَّمِ فَلَا يَصْلُحُ لِنَصْبِ الْعَادَةِ، وَلَوْ كَانَتْ رَأَتْ الدَّمَ أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ الطُّهْرَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ثُمَّ الدَّمَ خَمْسَةً ثُمَّ الطُّهْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ اسْتَمَرَّ فَإِنَّ الْخَمْسَةَ لَا تُجْعَلُ حَيْضًا لَهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ عَقِيبَ طُهْرٍ كَامِلٍ بَلْ بِتِلْكَ الْخَمْسَةِ يَتِمُّ طُهْرُهَا ثُمَّ طَهُرَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَعَشَرَةٌ مِنْ ذَلِكَ مُدَّةُ حَيْضِهَا لَمْ تَرَ فِيهِ ثُمَّ جَاءَ الِاسْتِمْرَارُ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ طُهْرِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ فَتُصَلِّي مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ تَدَعُ عَشَرَةً وَتُصَلِّي عِشْرِينَ.
وَأَمَّا بَيَانُ الْبِنَاءِ عَلَى أَوْسَطِ الْأَعْدَادِ أَوْ عَلَى أَقَلِّ الْمَرَّتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ أَنْ نَقُولَ: امْرَأَةٌ حَيْضُهَا خَمْسَةٌ وَطُهْرُهَا عِشْرُونَ رَأَتْ الدَّمَ سَبْعَةً وَالطُّهْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَالدَّمَ سِتَّةً وَالطُّهْرَ سَبْعَةَ عَشَرَ ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَوْسَطِ الْأَعْدَادِ تَبْنِي عَلَى سِتَّةٍ فِي الْحَيْضِ وَعَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ فِي الطُّهْرِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَوْسَطُ الْأَعْدَادِ فِيمَا رَأَتْ لَا أَوْسَطُ مَا تَرَى، وَأَوْسَطُ الْأَعْدَادِ فِي الْحَيْضِ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ قَبْلَهُ كَانَ خَمْسَةً، وَبَعْدَهُ كَانَ سَبْعَةً، وَأَوْسَطُ الْأَعْدَادِ فِي الْحَيْضِ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ سَبْعَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ كَانَتْ عَادَتُهَا فِي الطُّهْرِ عِشْرِينَ، وَقَدْ رَأَتْ مَرَّةً خَمْسَةَ عَشَرَ فَأَوْسَطُ الْأَعْدَادِ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: بِأَقَلِّ الْمَرَّتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ إنَّمَا تَبْنِي عَلَى سِتَّةٍ فِي الْحَيْضِ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ فِي الطُّهْرِ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْمَرَّتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فَقَدْ رَأَتْ مَرَّةً سَبْعَةً وَمَرَّةً سِتَّةً وَفِي الطُّهْرِ مَرَّةً سَبْعَةَ عَشَرَ وَمَرَّةً خَمْسَةَ عَشَرَ فَلِهَذَا بَنَتْ فِي زَمَانِ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى أَقَلِّ الْمَرَّتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، وَأَصْلٌ آخَرُ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute