للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى فَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَا بَيَّنَّا أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الدَّمُ مُحِيطًا بِطَرَفَيْ الْأَرْبَعِينَ فَالطُّهْرُ الْمُتَخَلِّلُ لَا يَكُونُ فَاصِلًا، وَإِنْ طَالَ وَالثَّانِي أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ إذَا كَانَتْ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ فِي كَمْ تُصَدَّقُ إذَا أَخْبَرَتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ يَوْمًا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى تُصَدَّقُ فِي تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَتَخْرِيجُ قَوْلِهِمَا أَنَّهُ يَجْعَلُ كَأَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْحَيْضِ، وَحَيْضُهَا أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةٌ، وَطُهْرُهَا أَقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَثَلَاثُ مَرَّاتٍ ثَلَاثَةُ يَكُونُ تِسْعَةً وَطُهْرَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَكُونُ ثَلَاثِينَ فَلِهَذَا صُدِّقَتْ فِي تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ فَإِذَا أَخْبَرَتْ بِمَا هُوَ مُحْتَمَلٌ يَجِبُ قَبُولُ خَبَرِهَا، وَقِيلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَنْبَغِي أَنْ تُصَدَّقَ فِي سَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَنِصْفٍ وَأَرْبَعِ سَاعَاتٍ؛ لِأَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ عِنْدَهُ يَوْمَانِ، وَالْأَكْثَرُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَيَجْعَلُ كُلَّ حَيْضَةٍ يَوْمَانِ وَنِصْفٍ وَسَاعَةٍ فَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُ سَاعَاتٍ وَسَاعَةُ الْإِخْبَارِ وَالِاغْتِسَالِ فَتُصَدَّقُ فِي سَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَنِصْفٍ وَأَرْبَعِ سَاعَاتٍ لِلِاحْتِمَالِ.

فَأَمَّا تَخْرِيجُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجْعَلُ كَأَنَّهُ طَلَّقَهَا مِنْ أَوَّلِ الطُّهْرِ تَحَرُّزًا عَنْ إيقَاعِ الطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ بَعْدَ الْجِمَاعِ وَطُهْرُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا غَايَةَ لِأَكْثَرِ الطُّهْرِ فَيُقَدَّرُ بِأَقَلِّهِ وَحَيْضُهَا خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ مِنْ النَّادِرِ أَنْ يَكُونَ حَيْضُهَا أَقَلَّ أَوْ يَمْتَدُّ إلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ فَيُعْتَبَرُ الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ فَثَلَاثَةُ أَطْهَارٍ كُلُّ طُهْرٍ خَمْسَةَ عَشْرَةَ يَكُونُ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثُ حِيَضٍ كُلُّ حَيْضَةٍ خَمْسَةٌ يَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَذَلِكَ سِتُّونَ يَوْمًا وَعَلَى مَا رَوَاهُ الْحَسَنُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجْعَلُ كَأَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الطُّهْرِ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَاجِبٌ وَإِيقَاعُ الطَّلَاقِ فِي آخِرِ الطُّهْرِ أَقْرَبُ إلَى التَّحَرُّزِ عَنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ ثُمَّ الْحَيْضُ لَهَا عَشَرَةٌ؛ لِأَنَّا لَمَّا قَدَّرْنَا طُهْرَهَا بِأَقَلِّ الْمُدَّةِ نَظَرًا إلَيْهَا: يُقَدِّرُ حَيْضَهَا بِأَكْثَرِ الْحَيْضِ نَظَرًا لِلزَّوْجِ فَثَلَاثُ حِيَضٍ كُلُّ حَيْضَةٍ عَشَرَةٌ يَكُونُ ثَلَاثِينَ وَطُهْرَانِ كُلُّ طُهْرٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَكُونُ ثَلَاثِينَ فَذَلِكَ سِتُّونَ قَالَ: وَلَا مَعْنَى لِمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا احْتِمَالَ لِتَصْدِيقِهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ إلَّا بَعْدَ أُمُورٍ كُلُّهَا نَادِرَةٌ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْإِيقَاعُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الطُّهْرِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ حَيْضُهَا أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَيْضِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ طُهْرُهَا أَقَلَّ مُدَّةِ الطُّهْرِ، وَمِنْهَا أَنْ لَا تُؤَخِّرَ الْإِخْبَارَ عَنْ سَاعَةِ الِانْقِضَاءِ وَالْأَمِينُ إذَا أَخْبَرَ بِمَا لَا يُمْكِنُ تَصْدِيقُهُ فِيهِ إلَّا بِأُمُورٍ هِيَ نَادِرَةٌ لَا يُصَدَّقُ كَالْوَصِيِّ إذَا قَالَ: أَنْفَقْت عَلَى الصَّبِيِّ فِي يَوْمٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ لَا يُصَدَّقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>