وَمَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ نَفَقَةً فَتُسْرَقَ ثُمَّ مِثْلَهَا فَتُحْرَقَ ثُمَّ مِثْلَهَا فَتَتْلَفَ فَلَا يُصَدَّقُ لِكَوْنِ هَذِهِ الْأُمُورِ نَادِرَةً فَكَذَلِكَ هُنَا، فَإِنْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ أَمَةً فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى تُصَدَّقُ فِي أَحَدٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ حَيْضَهَا ثَلَاثَةٌ وَطُهْرَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ فَحَيْضَتَانِ تَكُونُ سِتَّةً وَطُهْرُهَا بَيْنَهُمَا يَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَذَلِكَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى تُصَدَّقُ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَجْعَلُ كَأَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي أَوَّلِ الطُّهْرِ فَطُهْرَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَكُونُ ثَلَاثِينَ وَحَيْضَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ يَكُونُ عَشَرَةً فَذَلِكَ أَرْبَعُونَ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُصَدَّقُ فِي خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَيَجْعَلُ كَأَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي آخِرِ الطُّهْرِ فَحَيْضَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَشَرَةٌ، وَطُهْرُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ بَيْنَهُمَا يَكُونُ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ يَوْمًا إذَا عَرَفْنَا هَذَا جِئْنَا إلَى بَيَانِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ.
إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْحَامِلِ: إذَا وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَمَّا تَخْرِيجُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ نِفَاسَهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا تَحَرُّزًا عَنْ مُعَاوَدَةِ الدَّمِ بَعْدَ الطُّهْرِ قَبْلَ كَمَالِ الْأَرْبَعِينَ وَطُهْرُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ فَذَلِكَ أَرْبَعُونَ ثُمَّ حَيْضُهَا خَمْسَةٌ وَطُهْرُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ فَثَلَاثُ حِيَضٍ كُلُّ حَيْضَةٍ خَمْسَةٌ وَطُهْرَانِ بَيْنَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَكُونُ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ فَإِذَا ضَمَمْته إلَى الْأَرْبَعِينَ يَكُونُ خَمْسَةً وَثَمَانِينَ فَتُصَدَّقُ فِي هَذَا الْقَدْرِ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّخْرِيجُ هَكَذَا إلَّا أَنَّ حَيْضَهَا بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ عَشَرَةٌ فَثَلَاثُ حِيَضٍ كُلُّ حَيْضَةٍ عَشَرَةٌ وَطُهْرَانِ بَيْنَهَا يَكُونُ سِتِّينَ يَوْمًا إذَا ضَمَمْتهَا إلَى الْأَرْبَعِينَ يَكُونُ مِائَةَ يَوْمٍ وَعَلَى رِوَايَةِ أَبِي سَهْلِ الْفَرَائِضِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: يَجْعَلُ نِفَاسَهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ النِّفَاسِ مَعْلُومٌ كَأَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَيْضِ وَكَمَا قَدَّرْنَا حَيْضَهَا بِأَكْثَرِ الْمُدَّةِ كَذَلِكَ قَدَّرْنَا نِفَاسَهَا بِأَكْثَرِ الْمُدَّةِ ثُمَّ بَعْدَ النِّفَاسِ طُهْرٌ خَمْسَةَ عَشَرَ فَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ إذَا ضَمَمْت إلَيْهِ سِتِّينَ يَوْمًا كَمَا بَيَّنَّا كَانَ مِائَةَ يَوْمٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَلِهَذَا لَا تُصَدَّقُ فِيمَا دُونَ هَذَا الْقَدْرِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجْعَلُ نِفَاسَهَا أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ أَدْنَى مُدَّةِ النِّفَاسِ هَذَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ مُدَّةَ النِّفَاسِ تَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ الْحَيْضِ وَالسَّاعَاتُ لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهَا وَكَذَلِكَ الْأَيَّامُ لَا غَايَةَ لِأَكْثَرِهَا فَقَدَّرْنَا الزِّيَادَةَ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ فَكَانَ نِفَاسُهَا أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا وَعَابَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ذَلِكَ فَقَالَ: هُوَ يَقُولُ إذَا انْقَطَعَ عَنْ النُّفَسَاءِ دَمُهَا فِي أَقَلَّ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ فَهَذَا يَنْقُضُ قَوْلَهُ فِي الْمُعْتَدَّةِ، وَلَكِنْ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا الْحَرْفِ اعْتَبَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute