لَمِيسُ اسْمُ جَارِيَتِهِ) فَقِيلَ: لَهُ أَتَرْفُثُ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ؟ فَقَالَ: إنَّمَا الرَّفَثُ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: كُنَّا نَنْشُدُ الْأَشْعَارَ فِي حَالَةِ الْإِحْرَامِ. فَقِيلَ لَهُ: مِثْلَ مَاذَا؟ فَقَالَ: مِثْلَ قَوْلِ الْقَائِلِ
قَامَتْ تُرِيك رَهْبَةً إنْ تَصْرِمَا ... سَاقًا بِحِنَّاءٍ وَكَعْبًا أَدْرَمَا
ذُكِرَ فِي كِفَايَةِ الْمُتَحَفِّظِ.
وَأَمَّا الْفُسُوقُ فَهُوَ اسْمٌ لِلْمَعَاصِي، وَذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الْإِحْرَامِ وَغَيْرِ الْإِحْرَامِ إلَّا أَنَّ الْحَظْرَ فِي الْإِحْرَامِ أَشَدُّ لِحُرْمَةِ الْعِبَادَةِ، وَفِي تَفْسِيرِ الْجِدَالِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُجَادِلَ رَفِيقَهُ فِي الطَّرِيقِ. وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ مُجَادَلَةُ الْمُشْرِكِينَ فِي تَقْدِيمِ وَقْتِ الْحَجِّ وَتَأْخِيرِهِ، وَذَلِكَ هُوَ النَّسِيءُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: ٣٧] الْآيَةَ، وَذَلِكَ مَنْفِيٌّ بَعْدَ الْإِسْلَامِ
(قَالَ)، وَلَا يُشِيرُ إلَى صَيْدٍ، وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَصْحَابِهِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَكَانُوا مُحْرِمِينَ: هَلْ أَشَرْتُمْ هَلْ أَعَنْتُمْ هَلْ دَلَلْتُمْ فَقَالُوا: لَا، فَقَالَ: إذَنْ فَكُلُوا»، وَلِأَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ التَّعَرُّضُ لِلصَّيْدِ بِمَا يُزِيلُ الْأَمْنَ عَنْهُ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالدَّلَالَةِ، وَالْإِشَارَةِ، وَرُبَّمَا يَتَطَرَّقُ بِهِ إلَى الْقَتْلِ، وَمَا يَكُونُ مُحَرَّمَ الْعَيْنِ فَهُوَ مُحَرَّمٌ بِدَوَاعِيهِ كَالزِّنَا.
(قَالَ) وَلَا تُغَطِّ رَأْسَك، وَلَا وَجْهَك، وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُغَطِّيَ وَجْهَهُ، وَلَا يُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَالْمَرْأَةُ تُغَطِّي رَأْسَهَا لَا وَجْهَهَا، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إحْرَامُ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ وَإِحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا».
(وَلَنَا) حَدِيثُ «الْأَعْرَابِيِّ حِينَ وَقَصَتْ بِهِ نَاقَتُهُ فِي أَخَافِيقِ جِرْزَانٍ، وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ»، وَفِي هَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يُغْطِي رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ «، وَرَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ اشْتَكَتْ عَيْنُهُ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ أَنْ يُغَطِّيَ وَجْهَهُ» فَتَخْصِيصُهُ حَالَةَ الضَّرُورَةِ بِالرُّخْصَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ مَنْهِيٌّ عَنْ تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ، وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُغَطِّي وَجْهَهَا بِالْإِجْمَاعِ مَعَ أَنَّهَا عَوْرَةٌ مَسْتُورَةٌ فَإِنَّ فِي كَشْفِ الْوَجْهِ مِنْهَا خَوْفَ الْفِتْنَةِ فَلَأَنْ لَا يُغَطِّيَ الرَّجُلُ وَجْهَهُ لِأَجْلِ الْإِحْرَامِ أَوْلَى، وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ بَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ.
(قَالَ) وَلَا تَلْبَسُ قَبَاءً، وَلَا قَمِيصًا، وَلَا سَرَاوِيلَ، وَلَا قَلَنْسُوَةً لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْقَبَاءَ وَلَا الْقَمِيصَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا الْقَلَنْسُوَةَ، وَلَا الْخُفَّيْنِ إلَّا أَنْ يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تَتَنَقَّبُ الْمَرْأَةُ الْحَرَامَ.»
(قَالَ) وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِالْعُصْفُرِ، وَلَا بِالزَّعْفَرَانِ، وَلَا بِالْوَرْسِ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute