للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ»، وَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا رَأَى عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بَعْدَ إحْرَامِهِ عَلَاهُ بِالدِّرَّةِ فَقَالَ لَا تَعْجَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّمَا هُوَ بِمَشْقٍ فَقَالَ نَعَمْ، وَلَكِنْ مَنْ يَنْظُرُ إلَيْك مِنْ بَعْدُ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ فَيَرْجِعُ إلَى قَبِيلَتِهِ، وَيَقُولُ رَأَيْت عَلَى طَلْحَةَ فِي إحْرَامِهِ ثَوْبًا مَصْبُوغًا فَيُعَيِّرُك النَّاسُ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ قَدْ غُسِلَ حَتَّى لَا يَنْفَضّ فَلَا بَأْسَ بِلُبْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ نَفْسُ الطِّيبِ لَا لَوْنُهُ، وَبَعْدَ الْغَسْلِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَا يَبْقَى مِنْ عَيْنِ الطِّيبِ فِيهِ شَيْءٌ

(قَالَ)، وَلَا تَمَسُّ طِيبًا بَعْدَ إحْرَامِك، وَلَا تَدْهُنُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَاجُّ: الشَّعِثُ التَّفِلُ. وَاسْتِعْمَالُ الدُّهْنِ وَالطِّيبِ يُزِيلُ هَذِهِ الصِّفَةَ فَيَكُونُ مُحْرِمًا بَعْدَ الْإِحْرَامِ.»

(قَالَ) وَاذَا حَكَكْت رَأْسَك فَارْفُقْ بِحَكِّهِ حَتَّى لَا يَتَنَاثَرَ الشَّعْرُ فَإِنَّ إزَالَةَ مَا يَنْمُو مِنْ الْبَدَنِ حَرَامٌ عَلَى الْمُحْرِمِ؛ لِأَنَّ أَوَانَ قَضَاءِ التَّفَثِ عِنْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْإِحْرَامِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ ذَبْحِ الْهَدْيِ {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحج: ٢٩]

(قَالَ) وَلَا تَغْسِلْ رَأْسَك، وَلِحْيَتَك بِالْخِطْمِيِّ لِأَنَّ الْخِطْمِيَّ تَقْتُلُ هَوَامَّ الرَّأْسِ، وَتُزِيلُ الشَّعَثَ الَّذِي جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صِفَةَ الْحَاجِّ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ قَضَاءِ التَّفَثِ أَيْضًا.

(قَالَ) لَا تَقُصُّ أَظْفَارَك؛ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مَا يَنْمُو مِنْ الْبَدَنِ فَكَانَ مِنْ نَوْعِ قَضَاءِ التَّفَثِ

(قَالَ) وَأَكْثَرُ مِنْ التَّلْبِيَةِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ، وَكُلَّمَا لَقِيتَ رَكْبًا، وَكُلَّمَا عَلَوْت شَرَفًا، وَكُلَّمَا هَبَطْتَ وَادِيًا بِالْأَسْحَارِ هَكَذَا نُقِلَ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَضِي عَنْهُمْ كَانُوا يُلَبُّونَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ، ثُمَّ تَلْبِيَةُ الْمُحْرِمِ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ كَتَكْبِيرِ غَيْرِ الْمُحْرِمِ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ فَكَمَا يُؤْتَى بِالتَّكْبِيرِ بَعْدَ السَّلَامِ فَكَذَلِكَ بِالتَّلْبِيَةِ، وَكَمَا أَنَّ الْمُصَلِّيَ يُكَبِّرُ عِنْدَ الِانْتِقَالِ مِنْ رُكْنٍ إلَى رُكْنٍ فَكَذَلِكَ لِمُحْرِمٍ يُلَبِّي عِنْدَ الِانْتِقَالِ مِنْ حَالِ إلَى حَالِ.

وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ خَثْعَمَةَ قَالَ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ سِتٍّ: فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ، وَاذَا اسْتَعْطَفَ الرَّجُلُ بِرَاحِلَتِهِ، وَإِذَا صَعِدَ شَرَفًا وَإِذَا هَبَطَ وَادِيًا وَإِذَا لَقِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَبِالْأَسْحَارِ.

(قَالَ) وَإِذَا قَدِمْتَ مَكَّةَ فَلَا يَضُرُّ لَيْلًا دَخَلْتهَا أَوْ نَهَارًا؛ لِأَنَّ هَذَا دُخُولُ بَلْدَةٍ فَيَسْتَوِي فِيهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ كَسَائِرِ الْبُلْدَانِ، وَالرُّوَاةُ اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ دُخُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ فَرَوَى جَابِرٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الْعِشَاءَ بِذِي طُوًى، ثُمَّ هَجَعَ هَجْعَةً ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ فَطَافَ لَيْلًا». وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ بَاتَ بِذِي طُوًى فَلَمَّا أَصْبَحَ دَخَلَ مَكَّةَ نَهَارًا». وَاَلَّذِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى النَّاسَ عَنْ دُخُولِ مَكَّةَ لَيْلًا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>