للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّحَلُّلِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَبْعَثُ بِالْهَدْيِ، وَعَلَى يَدَيْهِ فَإِنَّمَا يَتَحَلَّلُ لِعَجْزِهِ عَنْ تَبْلِيغِ الْهَدْيِ مَحِلَّهُ، وَاَلَّذِي أَخْطَأَ الْعَدَدَ فَائِتُ الْحَجِّ، وَفَائِتُ الْحَجِّ يَتَحَلَّلُ بِأَعْمَالِ الْعُمْرَةِ فَأَمَّا إذَا سُرِقَتْ نَفَقَتُهُ فَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ إنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِالْهَدْيِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ فَهُوَ مُحْصَرٌ يَتَحَلَّلُ بِالْهَدْيِ، وَهَكَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا أَنَّهُ قَالَ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ إلَى الْبَيْتِ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ الْمَشْيُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَيَلْزَمُهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ حَجَّةُ التَّطَوُّعِ ابْتِدَاءً، وَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ إذَا شَرَعَ فِيهَا، وَالْفَقِيرُ لَا يَلْزَمُهُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، وَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ إذَا شَرَعَ فِيهَا

(قَالَ) وَإِذَا كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ فَأُحْصِرَ يَتَحَلَّلُ بِالْهَدْيِ إلَّا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ يَقُولُ حُكْمُ الْإِحْصَارِ لِمَنْ يَخَافُ الْفَوْتَ، وَالْمُعْتَمِرُ لَا يَخَافُ الْفَوْتَ، وَلَكِنَّا نَقُولُ «رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أُحْصِرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ كَانَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ»، وَقَدْ بَيَّنَّا حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمَلْدُوغِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ زِيَادَةُ مُدَّةِ الْإِحْرَامِ عَلَيْهِ، وَالْمُعْتَمِرُ فِي هَذَا كَالْحَاجِّ فَيَتَحَلَّلُ بِالْهَدْيِ هُنَا إلَّا أَنَّهُ إذَا بَعَثَ بِالْهَدْيِ هُنَا يُوَاعِدُ صَاحِبَهُ يَوْمًا أَيُّ يَوْمٍ شَاءَ لِأَنَّ عَمَل الْعُمْرَةِ لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتٍ فَكَذَا الْهَدْيُ الَّذِي يَتَحَلَّلُ بِهِ عَنْ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ بِخِلَافِ الْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ عَلَى قَوْلِهِمَا لِأَنَّ أَعْمَالَ الْحَجِّ مُخْتَصَّةٌ بِوَقْتِ الْحَجِّ فَكَذَلِكَ الْهَدْيُ الَّذِي بِهِ يَتَحَلَّلُ مُؤَقَّتٌ بِيَوْمِ النَّحْرِ، وَإِذَا حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ فَعَلَيْهِ عُمْرَةٌ مَكَانَهَا لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِيهَا قَدْ صَحَّ

(قَالَ) وَالْقَارِنُ يَبْعَثُ بِهَدْيَيْنِ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ بِإِحْرَامَيْنِ، وَتَحَلُّلُهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَحْصُلُ قَبْلَ أَدَاءِ الْأَعْمَالِ فَلِهَذَا يَبْعَثُ بِهَدْيَيْنِ، وَإِذَا تَحَلَّلَ بِهِمَا فَعَلَيْهِ عُمْرَتَانِ، وَحَجَّةٌ يَقْضِيهُمَا بِقِرَانٍ أَوْ إفْرَادٍ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ إحْدَى الْعُمْرَتَيْنِ تَلْزَمُهُ لِلتَّحَلُّلِ عَنْ الْعُمْرَةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا، وَالْأُخْرَى لِلتَّحَلُّلِ عَنْ إحْرَامِ الْحَجِّ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الْمُفْرِدِ بِالْحَجِّ أَنَّ عَلَيْهِ عُمْرَةً وَحَجَّةً إذَا تَحَلَّلَ بِالْهَدْيِ.

(قَالَ) وَإِنْ بَعَثَ الْقَارِنُ بِهَدْيٍ وَاحِدٍ لِيَتَحَلَّلَ بِهِ مِنْ أَحَدِ الْإِحْرَامَيْنِ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ، وَلَا يَتَحَلَّلُ بِهِ لِأَنَّ أَوَانَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْإِحْرَامَيْنِ فِي حَقِّ الْقَارِنِ وَاحِدٌ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَلَا أُحِلُّ مِنْهُمَا»، وَبِالْهَدْيِ الْوَاحِدِ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُمَا فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ أَصْلًا.

(قَالَ) وَإِذَا بَعَثَ بِهَدْيَيْنِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُعَيِّنَ الَّذِي لِلْعُمْرَةِ مِنْهُمَا وَاَلَّذِي لِلْحَجِّ لِأَنَّ هَذَا التَّعْيِينَ غَيْرُ مُفِيدٍ فَلَا يُعْتَبَرُ أَصْلًا ثُمَّ الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ دَمَ الْإِحْصَارِ لَا يَخْتَصُّ بِيَوْمِ النَّحْرِ حَتَّى لَوْ وَاعَدَ الْمَبْعُوثَ عَلَى يَدِهِ بِأَنْ يَذْبَحَ عَنْهُ فِي أَوَّلِ أَيَّامِ الْعَشْرِ جَازَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَخْتَصُّ بِيَوْمٍ فَالْإِهْدَاءُ دَمٌ يَتَحَلَّلُ بِهِ مِنْ إحْرَامِ الْحَجِّ فَيَخْتَصُّ بِيَوْمِ النَّحْرِ كَهَدْيِ

<<  <  ج: ص:  >  >>